الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

الأوضاع الاقتصادية تعصف بالمعيشية والآلاف يهاجرون يومياً

[ad_1]

القاهرة ــ الخرطوم: خديجة الرحيمة

(تاني ما برجع السودان لو جا الجيش) هكذا بدأت المواطنة السودانية المقيمة بالقاهرة أميمة احمد حديثها لنا حين التقيناها بإحدى المدن المصرية، لتضيف قائلة: (لدي ثلاثة أعوام بمصر، ومن المستحيل أن أعود إلى السودان لأن المعيشة أصبحت صعبة ولا أحد يستطيع العيش هناك، وقمت ببيع منزلي في السودان وأشتريت شقة هنا، والآن أعيش في أمن وأمان بدون قلق، والوضع في السودان أصبح لا يطاق، ونحن الآن في مرحلة اللادولة، فالكل يعاني من ضيق المعيشة بجانب انعدام الأمن، وما أشعر به من أمن ورخاء في مصر لم أشعر به في السودان لسنوات(.
اما المواطنة هديل فقد لجأت إلى طريق آخر بعد أن ضاق بها الحال في السودان ومصر، حيث اخبرتنا بأنها قامت بطلب اللجوء السياسي لإحدى الدول الأوروبية، وهي الآن في انتظار نتيجة القبول من تلك الدول. وذكرت أنها هاجرت إلى مصر هي وأسرتها قبل (7) سنوات، ولكنها لم تحصل على ما تريد هناك حتى تقدمت بطلب اللجوء، وأضافت قائلة لنا والدموع تغمر عينيها: (لا نعلم ماذا فعلنا حتى نعاقب بهذه الطريقة، فلم نجد راحة في بلدنا الام ولا حتى في الدول الشقيقة)، ومضت قائلة: (أصبحنا بين امرين احلاهما مر، اما العودة للسودان وتقبل الوضع الراهن او الهجرة الى بلاد لا نعلم مصيرنا فيها).
ولا يخفى على أحد ما تمر به البلاد من ضائقة معيشية، مما أدى إلى أن أصبح الوضع طارداً للكل، كما زادت في الآونة الاخيرة نسبة الهجرة العائلية إلى دول الجوار خاصة مصر، فالآلاف يهاجرون يومياً في ظل صمت الحكومة التام امام ذلك،
والخطير في الأمر أن الجميع أصبحوا يفكرون في ذلك، فما ان تساءل مواطناً سودانياً عن حاله حتى يجيب: (الله يخارحنا من البلد دي) فهذه الجملة أصبحت تسيطر على لسان الجميع.
أرقام مخيفة
وهناك أرقام مهولة عن تزايد نسبة الهجرة العائلية شهدتها البلاد أخيراً بعد تفاقم الأزمات. وطبقاً لإحصائية رسمية تحصلت عليها (الإنتباهة) فإن متوسط الرحلات الى مصر بلغ (25) رحلة يومية عبر البر بما يعادل (١٢٥٠) مهاجراً يومياً، بحسب الأمين العام لنقابة سائقي البصات السفرية خالد جبريل أحمد، وأشار خالد إلى هجرة اكثر من (37) ألف مواطن شهرياً إلى مصر ولا يعود منهم الا (25٪)، كاشفاً عن تسيير (800) رحلة يومياً من الخرطوم إلى الولايات، وارجع مسؤولية الحوادث المرورية لرداءة الطرق وعدم خبرة السائقين، وأضاف قائلاً: (في الأيام الماضية كانت لدينا مشكلة في المعابر، وكانت البصات تمكث ثلاثة أيام حتى تدخل مصر والآن تم حل هذه المشكلة).
ومن جانبه اكد مصدر بإحدى شركات الطيران ــ فضل حجب اسمه ــ هجرة الآلاف يومياً عبر مختلف الخطوط، مشيراً إلى أن شركتهم وحدها تسير ثلاث رحلات أسبوعية الى مصر، محذراً من الآثار السلبية المترتبة على ذلك حال استمر الأمر كما هو عليه الآن، على حد ما ذكر.
وفي ذات السياق قالت مدير وكالة (إكس لاند) صفاء الحاج: (ان معظم السودانيين اتجهوا الى مصر وتركيا نسبة لتوفر الخدمات في تلك البلدان)، مشيرة الى إدخالهم يومياً اكثر (17) جوازاً  في القنصلية المصرية للحصول على التأشيرة، ووصفت ذلك بالإحصائية الكبيرة، وأضافت قائلة: (نحن وكالة واحدة وتأتينا كل يوم هذه الأعداد ولا أعلم شيئاً عن بقية الوكالات، والسودان أصبح بلداً ليست فيها مقومات الحياة الطبيعية).
وطبقا للإحصاءات الرسمية فإن عدد الجالية السودانية بمصر تجاوز (5) ملايين نسمة، بجانب قبول (22) الف طالب سوداني في الجامعات المصرية وإعفائهم من (90٪) من الرسوم الدراسية تخفيفياً للضغوط الداخلية، بحسب سفير السودان السابق لدى مصر محمد الياس.
معاناة حقيقية
المواطنة أمل الطيب التقينا بها لحظة وصولها القاهرة في موقف البصات السفرية وبرفقتها أبناؤها الأربعة، واستطلعتها (الإنتباهة) عن سبب هجرتها فقالت: (توفى زوجي العام الماضي وترك لي ثلاث بنات وولدين، وترك لي ركشة كان يعمل بها ابن أخيه، وفي نهاية الأمر قام ببيعها ولم يعطنا شيئاً من ثمنها، وذهبت إلى بيت والدتي ولكن اخواني لم يتحملوني بأبنائي، وتواصلت مع اختي المقيمة في مصر وطلبت مني أن آتي إليها وابنائي، واخبرتني بأن لديها غرفة فارغة ستعطيني لها، كما انها قالت لي ان ست البيت محتاجة خدامة تعالي اشتغلي معاها وربي أولادك، لذلك قررت الهجرة لانه لم يكن لدي أي خيار، كما أني آملة في أن يتعلم ابنائي بطريقة افضل من السودان، خاصة بعد تدهور التعليم في السودان).
الى ذلك كشف عدد من المهاجرين لـ (الانتباهة) عن أسباب هجرتهم، حيث قالوا ان الاوضاع المتردية بجانب عدم الاستقرار السياسي والأمني أجبرتهم على الهجرة الأسرية، مشيرين إلى استقرار الاوضاع المعيشية في مصر، وأضافوا ان المعيشة في مصر أرخص من السودان وكل شيء متوفر وفي متناول اليد والسكن هنا أقل من السودان، مؤكدين رخاء المعيشة بدولة مصر الشقيقة.
جولة
(الإنتباهة) تجولت في عدد من الأسواق والمناطق المصرية، ووقفت على أحوال الجالية هناك، وما خرجت به انه لا تخلو منطقة مصرية من سوداني، فالاسواق معظم تجارها سودانيون، وكذلك الأحياء الشعبية يقطنها سودانيون، وإحدى المصريات هناك قالت لنا بالحرف: (أدونا السودان وخدوا مصر)، واي سوداني التقينا به هناك أكد لنا عدم عودته مجدداً لأنه وجد كل سبل الراحة هناك، واذا أخذنا منطقة فيصل فإنها يسيطر عليها السودانيون، وذهبنا لسوق المنطقة فوجدنا كل أنواع الأكل السوداني، وانتابنا شعور بأننا في منطقة امبدة وليست منطقة فيصل المصرية. والتقينا بطفلة لم يتجاوز عمرها عشر سنوات برفقة والدتها وتحدثت إلينا باللهجة المصرية، وسألتها متى ستعودين الى السودان؟ فردت قائلة: (مستحيل أروح السودان تاني) وذهبت، فأمثال هذه الطفلة كثر.
ظاهرة مهددة
بينما قال استاذ علم الاجتماع اشرف ادهم: (إن هجرة العديد من الاسر السودانية الى جمهورية مصر مؤشر يوضح الى اي مدى اصبح السودان طارداً لسكانه، واصبح التدهور الاقتصادي يؤثر في استقرار الأسر)، وأشار الى ان الهجرة الى مصر من اجل الحصول على غذاء وصحة وتعليم افضل بكثير مما هو موجود في السودان، وقال: (هذا يجعلنا نفسر لماذا تهاجر هذه الأسر الى مصر كثيراً على الرغم من ان هناك اسراً تهاجر الى دول اخرى، فالمجتمع المصري قريب من المجتمع السوداني، لذلك الأسر السودانية لا تجد صعوبة في الاندماج، وامكانية الحصول على الخدمات بصورة سهلة وجيدة في مصر هي التي تدفع الاسر الى الهجرة)، مؤكداً ان هذه الظاهرة اصبحت مهددة لاستقرار الاسر في السودان.
كارثة اقتصادية
(بالتأكيد أن ضغوط الأزمة الاقتصادية الحادة في السودان ومترتباتها خاصة مع ضعف الاجور وارتفاع البطالة والمستلزمات المعيشية اليومية في مواجهة التضخم الجامح وعدم الاستقرار السياسي، الى جانب عدم انتظام التحصيل التعليمي خلال العام بجانب تدهور المجال الصحي وارتفاع تكاليفهما وارتفاع تكاليف المعيشة في ظل سوء ادارة وتوظيف الموارد الاقتصادية خاصة المالية لمؤسسات الدولة في اطار الحصار المالي الدولي الخانق، تعتبر اهم محاور اسباب الهجرة الى الخارج)، بهذه العبارات بدأ الخبير الاقتصادي وائل فهمي حديثه لنا، ليضيف قائلاً: (دفعت هذه العوامل مجتمعة بما لا يدع مجالاً للشك الى هجرة تلك الاسر بابنائهم وبما تيسر لهم من اموال، لتوفير حياة كريمة ومستقبل افضل لها ولابنائها دون ضياع اعوام غالية من اعمار ابنائهم بسبب تأجيل الامتحانات او الاضرابات السائدة في مراحل التعليم حالياً). وتابع قائلاً: (مؤشر الهجرة الكثيفة يعتبر مؤشراً سلبياً لاقتصاد اية دولة، حيث رؤوس الاموال التي يراد لها الاستثمار بالداخل لن تجد الايدي العاملة التي تحتاجها في انتاج سلع وخدمات تنافسية على الاقل من حيث الجودة، حتى لو غضضنا الطرف عن التضخم الذي يرفع تكاليف الانتاج نتيجة لاهلاكه المستمر للقوة الشرائية المحلية وتدهور سعر الصرف المستمر)، ومضى قائلاً: (بغض النظر عن مقولة هجرة الايدي العاملة حيث رؤوس الاموال التي تدفع افضل، الا ان رؤوس الاموال ايضاً تجدها تذهب حيث الايدي العاملة الماهرة، وهو ما يعرف بهروبها للخارج في الصيغة العامة، خاصة تجاه بيئة اقتصادية وسياسية وقانونية تتميز بالاستقرار اللازم للاستقرار السياسي والاجتماعي اللذين بدورهما يغذيان تعقيدات المشهد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بالداخل، خاصة مع التآكل المستمر لقوة الجنيه السوداني بما يشجع على زيادة الهجرات المتتالية والكثيفة للاسر والافراد، ويتميز السودان بمروره بضغط اقتصادي حاد للغاية بالمقارنة مع الفترات السابقة للمعاناة، وبلا شك أن تلك العوامل تشكل كارثة اقتصادية تفاقم الاوضاع الداخلية المعقدة، ولكن من الملاحظ ان هجرات تلك الاسر تجاه دول تتميز اقتصادياتها بعدم الاستقرار، وان كانت تتميز بالاستقرار الاكاديمي والصحي والأمني).

المصدر من هنا

[ad_2]

Source link

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)