بروف جريس.. النطاس الإنسان، قاهر السرطان
فنجان الصباح..
احمد عبدالوهاب
“أحيانا حتى البقاء على قيد الحياة (بطولة) في حد ذاته!!!.. ”
” صلاح احمد إبراهيم ”
قبل أكثر من عشرين عاما، كنت أرى البروفيسور عبد السلام جريس كل مساء وهو يترجل من سيارته بصعوبة بالغة.. كان قد تملكه المرض ، وأنهك قواه.. إلا روحه وعقله وعزيمته، كانت عزيمته قد أنهكت المرض وهدت الداء الوبيل ..
كانت عيادته في مجمع بالخرطوم شرق، بشارع الزبير باشا، وغرب شارع القصر.. كان مجمعا طبيا اجتمع فيه عدد من أساطين الطب الكبار الدكتور عثمان عبد الكريم.. اختصاصي الجراحة.. والدكتور عبد العظيم عثمان اختصاصي الأنف والحنجرة.. والأستاذ الدكتور عبد السلام جريس اختصاصي النساء والتوليد.. وكلهم كانوا أصحاء ومع ذلك رحلوا كلهم قبله.. وهو المريض المصاب بداء عضال.. فسبحان من بيده الأعمار والآجال..
كتب البروف جريس ذات صباح قبل عشر سنوات يرثي الدكتور الطيب حسن كاشف اختصاصي الباطنية بمقالة بعنوان ( وداعا أيها الزميل).. إنهم كانوا ثلة من الأطباء عد منهم جماعة كانوا تخرجوا من كلية الطب بجامعة الخرطوم.. وشهد حفل تخريجهم رئيس مجلس السبادة الزعيم إسماعيل الأزهري في العام ١٩٦٧م..
لقد ضرب البروفيسور جريس المثل في البطولة والوقوف بعناد وشرف أمام مرض السرطان لسنوات وعقود طوال.. لم ينهزم ولم يستسلم وظل يؤدي واجبه المهني والإنساني بكل همة واقتدار.. وكانت إحدى اشراقات العهد المنصرم أن رئيسه كرم البروفيسور جريس بوسام الاستحقاق.. نظير هذه البطولة والخدمة الطويلة لرجل ظل ينسى كل آلامه وأوجاعه لمداواة أوجاع و آلام الآخرين..
إنه ذلك الطبيب الشاطر المقدام الذي يصح أن يقال عليه إنه “النطاس الإنسان”.. “وقاهر السرطان” ..
وأخيراً ..
وصلت رحلة الرجل الجبلية الصعبة إلى نهايتها.. فأسلم الروح إلى بارئها قبل يوم تقريبا..
رحم الله تعالى البروفيسور جريس الطبيب الإنسان والذي يستحق على أدائه المهني الممتاز ، وصبره على الداء العضال.. كل الشارات والأوسمة ونجوم الإنجاز .. ويستحق بجدارة مقولة صاحب “غابة الهبباي” ( أحيانا حتى البقاء على قيد الحياة بطولة في حد ذاته)..
About Author
للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط