في صف الجوازات كسرات بتبني عمارات
( هذي رؤاي)
عبد العزيز عبد الوهاب
قال محدثي إنه و على مدى أربعة أيام ، ظل ينام أمام بوابة مبنى جوازات ( جمهورية مدني) ، دون أن يظفر حتى لحظة هذه الرؤى بغير خطوة واحدة من سلسلة طويلة ومعقدة لاستخراج جواز سفر يحتاج لمجهود جبار لإستعادة ( تغطيته التأمينية ) .
حكى واشتكى صديقي بوجه نصف دامع ، من أن مئات العجزة من النساء والرجال والشباب ، ممن توثقت بهم صلته ، جراء الإقامة على أرض خلاء جدباء كاشفة كاشحة ، ظلوا متسمرين في مواقعهم لا يتحركون إلا قليلا باتجاه شباك ( إدخال البيانات) بينما يعج المبنى من الداخل وعبر البوابة الخلفية أو من بين المصطفين بعشرات من ( ناس كدا حلوين وحلوات ، نضيفين ونضيفات) يدخلون بلا وجل ويخرجون على عجل ، تعلوهم إبتسامة تعبر عن نجاح الإدخال والتصوير ودفع الرسوم وفي يدهم إيصال استلام الجواز وكل ذلك يتم ( بضربة معلم وفي زمن لا يحسب) .
يتسامر الناس بأسف وأسى ، بأن عابري هذا ( الصراط) إما أن يكونوا رفقة واسطة ، أو دافعي ( كسرة ) تكسر لهم عنت الرتابة والملل والإنتظار الطويل .
وأن (الجماهير) من أهل الهامش الهامل ، كلما هاجت وماجت وتسخٌطت من هذا الفرز الشائن ، جاء من يهدٌئ روعها ويطيب خاطرها بقول من شاكلة : تاني الجن اللحمر ما ح يدخل من هنا ..موش لو جا بي واسطة !!
لكن لن تنقضي دقائق حتى يعود الحال :
ياهو ذاتو الحال
لا اتحركنا
ولاالزمن
بدٌل ملامحنا.
والآن أيها السادة نعود لنقول : إن مدني ليست بدعا في أمر التجاوزات والكسرات بالكاشات التي تجعل من الباشكتبة وصغار المستوظفين وسماسرة السوق وتجار الأزمات ، أصحاب ركشات وروزات وعمارات . فهذا المرض العضال يكاد يعم كل الصفوف في كل المدن ، معبرا عن داء قديم وفساد مقيم ، يحتاج لاستئصاله إلى جراح ماهر وبمقص باتر.
لنعترف أننا بهذا الإعوجاج والأسلوب الصفيق ، لا نزال بعيدين للغاية عن دولة القانون والفرص المتساوية والعدالة الإجتماعية التي تقذف بمن يهدرها من المسؤولين إلى ما وراء الشمس ، وهذا ما عليه الحال في الدول المحترمة ، والذي يعتبر الصف المنضبط أحد أهم ركائز ديمقراطيتها التي ينشدها القوم هنا وإليها يستصرخون !؟.
أبصم بالعشرة أن دولتنا تعتبر دولة غشيمة يحكمها دروايش ، وليسو إداريون مهرة طافوا وشافوا كيف تحكم الدول وتساس الشعوب .
عشرات الفرص لزيادة الدخل القومي ومليارات الجنيهات تتسرب من الخزينة العامة بسبب ضعف الأداء وسوء الإدارة .
خذ نفساً وامسك قلما لتحسب عدد الأجانب المقيمين في السودان دون أن يدفعوا جنيها واحدا نظير تمتعهم بمزايا لم توفرها لهم أوطانهم .
مئات ملايين الجنيهات التي كان يمكن أن تدخل للخزينة لو أن وزارة المالية أحكمت قبضتها على إيرادات الجمارك والضرائب ، ولو أن الداخلية جعلت وقتا محددا ، ورسوما إضافية للجواز ورخص القيادة للمستطيعين الذي قد يدفعون ضعفها لضعاف النفوس ! خصوصا وأن الولاية نفسها عاملة كسرة خاصة قدرها 20 جنيه لكل جواز زيادة على الرسوم المحددة من قبل الحكومة .
لا أتهم الحكومة جملة بأنها راكدة فاسدة ، لكنها قطعا ليست بمستوى الجدارة والمثالية التي نتطلع إليها ، ولكن ليس من المعقول دفن الرؤوس في رمال الدسدسة والإنكار لحالات الرشى المليارية التي انتشرت في جميع المنافذ تقريبا وطفح كيلها فأرْدتنا وأوردتنا إلى هذه المقتلة .
وصديقي الذي أكد أنه بات ليلته أمس في أول الصف ، تفاجأ حين دخل
أن أمامه 70 ممن تقدم وصفهم ، زاد عليهم زي 17 زول وزولة قالوا ديل تبع : سيد الناس أمر !
وعليه :
السيد الوالي : البحصل في الجوازات دا عيب
السيد رئيس شرطة مدني : حاول أنزل شارع الجوازات وبيدك صفارة عشان تزبط الحركة والصف هناك .
السيد مدير الجوازات : شوف لينا حل لي موضوع( القوالات) دا
- الرسائل أعلاه معنونة أيضا إلى كل الولايات وبذات الترتيب والمطلوبات.
خرج صديقي خالي الوفاض بعد أن سلخ سحابة يومه دون أن ينجز مراده ، ثم حلف بالتقطعو إنو ما ح يعتٌب مدني تاني ، وما داير جواز ذاتو .
المهم، بعد تحانيس وشيل وخت ، اقنعتو بأن يرجع الحلة وياخد ليه ( جمٌة ) اسبوع ويرجع تاني ، ووصيته أن يشتري في الطريق رطل زيت سمسم أصلي وكيس ملح وطني ويخلي أمو تشتغل فيه دلك وتمسيد لإزالة تعب الأيام الفائتة وليعود أكثر حيوية لمقابلة إرهاصات الجولة القادمة .
أخيرا نسأل :
متى يصح منك العزم يا حكومة ؟ ولكن هل ثمة حكومة ( حية) حتى تُنادى؟
ودمتم
About Author
للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط