*البرهان وخاصرة الجيش الرخوة*
إبراهيم عيسى هدل
hadalcom@hotmail.com
يتعلق البعض بخطب الجنرال البرهان المعدة بعناية أمام الهيئة العامة للأمم المتحدة أو القمة السعودية الأفريقية أو بخاطباته المرتجلة في القواعد العسكرية المختلفة في وادي سيدنا وفلامنجو وسلاح المدفعية عطبره وغيرها التي تبعث الأمل وتلهب حماس جنود القوات المسلحة والمستنفرين لمواصلة القتال والعزم على حسم المعركة عسكرياً بيد أن هناك خطاب آخر يتبناه الجنرال البرهان متدني السقوفات ويطمح في تسوية سياسية مع الجنجويد وحلفائهم الإقليميين والدوليين وذراعهم السياسي ممثلا في مجلس قحت المركزي الذي تدثر بثوب جديد أطلق عليه “الجبهة المدنية العريضة” .
ويظل الجنرال البرهان يراوح مكاونه بين الخطابين ويواجه الضغوط الدولية في سبيل التوقيع على صفقة منبر جدة التفاوضي الذي تقوده دولتان من اللجنة الرباعية وضُم إليه الإتحاد الأفريقي ودول الإيقاد وهي القوى المراهنة على الإتفاق الاطاري ودستور تسيرية نقابة المحامين الذي وقع عليه الجنرال البرهان كما وقع عليه البعاتي الهالك حميدتي مجبرا (ورجله فوق كراعه) كما قال بلسانه.
قدم الجيش التضحيات الجسام في معركة الكرامة الوطنية واستشهد خيرة قادته وضباطه وجنوده فلن تكون التسوية المرسومة في منبر جدة مقبولة للعسكر خاصة إذا حاولت الاطراف الدولية ضمان دور سياسي وعسكري لمليشيا الجنجويد مستقبلا، ويبقى السيناريو الأقرب للحدوث حال القبول بالتسوية عزل الجنرال البرهان وطاقم قيادته سواء بإجباره على تقديم استقاله أو بالانقلاب العسكري عليه .
لقد عزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه حتى لا يُفتن المسلمون بانتصاراته المتتالية وهو من هو بين قواد المسلمين العسكريين وأكثرهم حنكة ومعرفة بفنون الحرب والقتال .
ولن يكون الجنرال البرهان آخر جنرال تضحي به المؤسسة العسكرية في سبيل الحفاظ على هيبتها وكيانها وما تبقى من مؤسسات الدولة وينبغي ألا يأخذنا الحماس الزائد لتعلية أقدار الرجال ورفع الطموحات للموقف الوطني المأمول من القادة العسكريين في الحروب، ومن ثم تحميلهم فوق طاقتهم بإعفائهم من الأخطاء البينة التي ارتكبوها في حق أنفسهم وفي حق الوطن .
الجنرال البرهان مسئول مسئولية مباشرة عن زيادة قدرات الدعم الصريع عدة وعتادا من نحو عشرين ألف مجند في عهد البشير إلى أكثر من ١٢٠ ألف مرتزق تحت مرأى ومسمع البرهان وقيادة الجيش والاستخبارات العسكرية، وأي قائد أو ضابط عظيم عارض حميدتي أو رفض الاذعان لرتبة الخلاء التي يحملها بكتفيه كان مصيره الفصل من الخدمة العسكرية.
الخطايا الاستراتيجية التي حدث خلال السنوات الماضية منذ وصول الجنرال البرهان لسدة الحكم لا تحصى ولا تعد بدءاً من إلغاء المادة الخامسة من قانون الدعم الصريع إلى ترك الحبل على القارب لحميدتي في توقيع الإتفاق السياسي والوثيقة الدستورية نيابة عن الجيش ثم قيادة لجنة سلام جوبا واكتساب الحق الدستوري بمقابلة رؤساء العالم وتجنيد رجال الإدارة الأهلية والطرق الصوفية لحسابه ولمصلحة زعامته
لم يخف طموح حميدتي لكرسي رئاسة الجمهورية على القاصي والداني داخل السودان وخارجه فهل كان خافيا على البرهان وحده ؟!
هب أن الجنرال البرهان انتقل لرحمة مولاه الآن من سيقود الدولة من بعده ؟ هل يتولى الرئاسة خليفته بقيادة الجيش أم نائبه بمجلس السيادة الانتقالي مالك عقار ؟!
من خلال التجربة الماثلة لا ثقة للسواد الأعظم من الشعب السوداني مطلقا فيمن له سابقة تمرد فهل سيُبقى الجنرال البرهان السودان رهينا لتصوراته وتقديراته الخاطئة بلا حكومة فاعلة وقيادة تدير دولاب الدولة سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً وإعلامياً وتسد الثغرات البينة في هذه المجلات المهمة في ترقب لحسم عسكري قد يطول انتظاره بنظرية الحفر بالإبرة ؟! والتي باتت تشكل الخاصرة الرخوة للجيش.
مع دعمنا المطلق للجيش لن نعفي القيادة من أخطاء ارتكبتها وما تزال ترتكبها في التهاون والتراخي عن تحصين البلد من المؤامرات الخارجية والداخلية.
لقد مرت أكثر من سبعة أشهر على حرب ضروس بالخرطوم ودارفور وكردفان لم يحاكم متمرد واحد أو يقدم الطابور الخامس ممثلا بالذراع السياسي للدعم الصريع للمقصلة بجريمة الخيانة العظمى بل يطمح هؤلاء العملاء والخونة في مفاوضات تأتي بهم لسدة الحكم !! فمن يتحمل هذا التراخي والتساهل مع العملاء الجيش أم قيادته ؟!
إنها سقوفات الجنرال البرهان المتدنية جداً ودون طموحات الشعب الصابر والجيش المقاتل ونتاج رهانه الدائم على الكفلاء وأسيادهم بالخارج، وهو في ورطة كبرى إذا قبل بتسويات الخارج بعد كل هذه التضحيات سيفقد سلطته بالانقلاب وإن تماشى مع الجيش والشعب فقد دعم الكفلاء للأبد، لذا تجده يماطل في حسم المعركة عسكرياً .
ومراهنات الجنرال البرهان على الخارج أدخلت البلاد في مآسي وتعثرات مرحلة الانتقال منذ تكوينه للمجلس العسكري الانتقالي وجلب حميدتي نائبا، وضعف الرجل وبطئه وتردده في اتخاذ القرار مكن حميدتي من رقاب العباد، وتجرأ فولكر بيرتس وآليته الثلاثية واللجنة الرباعية على طبخ التسويات، وفرض أجنداتهم السياسية، وتصريح الجنرال البرهان اليوم بوقف الحرب والاقتتال وعودة الحياة لطبيعتها الذي يتعلق إعلام قحت المركزي بحباله الدايبة مجرد مناورة دأب البرهان عليها فقد حسم الجيش أمره، ولن تكون ثمرة المفاوضات عودة السودان لحالة التيه والهوان وتحكم السفراء بالقرار الوطني، ولن يسمح الشعب بدور سياسي وعسكري واقتصادي لمليشيا الجنجويد مهما كلف الأمر من تضحيات فلن يكون ما بعد ١٥ أبريل٢٠٢٣م كسابقه بأي حال
About Author
للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط