الخميس. سبتمبر 19th, 2024

الدهب.. الغياب الحاضر


أحمد مجذوب البشير
مائة يوم على الانتقال.. مائة يوم على العبور لدار الخلود السرمدي حيث المكوث الأبدي.. الدهب.. نعتٌ صككته لإمرأة تسمى بنت وهب محمد الأمين سعد نتداوله داخل أسرتي الصغيره.. لم أصكه اعتباطاً.. ولكن لتطابق الصفة مع الموصوف مظهراً وجوهراً.. امرأة مختلفة في زمان طغت فيه النمطية وشاع فيه الروتين وتمدد الاعتياد.. امرأة جمعت فأوعت.. هي مجموع مكتنز من المكارم.. ووعاء مترع وفائض بالفضائل إذا تحدثت عن الكرم والسخاء والتفاني والإخلاص ونجدة الملهوف واعانة الضعيف وإغاثة الفقير فهي في الصدر دون العالمين ست بيت من الدرجه الاولى تجيد فنون الطبخ دون مضاهاة مضاهٍ اوتنازع متنازع او او ادعاء دعي.. تحب النظافه و النظام والترتيب لدرجة الهوس والافتنان..كنت محظوظاً حيناً من الدهر وانا في شرخِ الشباب ودون العشرين من العمر حيث سنوات التكوين والتعلم.. وإذ تلفت يوما ووجدت نفسي وحيداً في البيت وقد فرغ من أغلب اخوتي فأخذتهم اشتات المهجر اما طلباً للعلم أو بطشاً في جلب الرزق.. فصرت مسئولاً عن أعباء كثر إذ لم يتبقى سواي والشهيد ضياء وكان مازال طفلاً لم يبلغ العاشرة من عمره بعد والوالد(عليه الرحمه) والأخت آمال.. كانت سانحة كبرى بالنسبه لي لأكون بالقرب منها ومن الوالد لأتعلَم فنون إداره الحياه ومعاركتها.. خصوصاً هي بلحاظ غياب الوالد احياناً بالسفر لأداء العمره في رمضان.. وما أدراك ما رمضان في السودان بطقوسه واحتياجاته المعروفه.. تقربت منها جداً حينها واصبحت افهم واستوعب ماتريد قبل أن تنطق به.. تدور الايام وتنطوي السنين واذ في شيخوختها نتساكن سويا ونترافق معا ويكون غسلها وتكفينها على يدي..ولله الحمد والمنه على هذه النعمه.. هذه خواطر مكنونه عنت وذكريات تداعت بخصوص شخصيه محوريه كان لها تأثيرا مباشرا على تكويني القيمي والأخلاقي.. ولاغرو في ذلك فهي الوالده التي ارضعتني تلك القيم بواسطه حليب صدرها.. حتى بعض من حده التي كانت تبدو احيانا في طبعها قد طرأ علينا مؤخرا منها نصيب.. لقد كانت حدتها نتاج لمقتها لبعض السلوكيات المنفره.. فهي تكره الفوضى.. وتخاصم الكسل.. وتأنف من التهاون.. وتعادي القذارة.. وتشمئز من قليل المروءة الذي لا خير فيه.. هكذا كانت لم تزحزحها عن هذه القناعات عوادي الدهر وصروف الزمان.. فقدت ثلاثة من أطفالها وهي شابه صغيره في مقتبل حياتها الزوجيه فتسربلت بالصبر والاحتساب وفقدت مثلهم ثلاثة رجال يسدون قرص الشمس كل احد منهم روايه وحكايه.. فتوشحت بثوب التسليم بإرادة الله و قدره وتصريفاته..نالها مانالها من الوفاء والخذلان.. ومن الجحود والعرفان.. فذهبت إلى بارئها بكتابها وهو الاعلم بها منا وهو حسيبها.. انه نعم المولى ونعم الوكيل..فسلام عليها حيث هي مع الصديقين والشهداء والصالحين

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)