السبت. نوفمبر 2nd, 2024

رحلة على حافة الموت مع الراحل محمد ميرغني وجمال محمد أحمد


عبد المطلب صديق
في مارس 2009، أقلعت طائرة (الفو كرز50) من مطار الخرطوم صوب مدينة مروي وعلى متنها الفنان محمد ميرغني والموسيقار وعازف الكمنجة الماهر الراحل محمدية. وكان الزميل الصحافي جمال محمد أحمد، يجلس إلى جوار الفنان محمد ميرغني ولا يكف عن مداعبته عن توقعاته للحفل المرتقب في عاصمة الفن في ديار الشايقية مدينة مروي. وبينما كان الجميع يمني النفس برحلة ممتعة، لاحظ الركاب حركة غير عادية وقلق بائن بين طاقم الطائرة سرعان ما انتقل ليشمل الجميع، ولم يجد قائد الطائرة مخرج سوى الكشف عن حقيقة الكارثة التي توشك أن تقود تلك الرحلة الى محطة أخيرة لا عودة منها أبداً. حديث الكابتن كان كافيا لزيادة القلق والتوتر والخوف لدى الكثيرين عدا قلة قليلة من الموقنين بأن الموت حق وانه آت ان لم يكن اليوم فان غداً لناظره قريب. وحاول الكابتن طمأنة الركاب بانه لم يفلح في إنزال اطارات الطائرة بسبب عطل فني طارئ وعبثا حاول اقناع الركاب بان مثل هذه الأعطال تحدث في أرقى الطائرات وانه في الغالب يتم السيطرة عليها خلال دقائق معدودات. وانه سوف يسير فوق النيل بحيث يتمكن من الهبوط على سطح الماء إن دعا الحال، وفي ذلك فرصة لخفض الخسائر الى أدنى مستوى. وعادت الطائرة الى الخرطوم وظلت تدور لفترة من الزمن ليأتي الفرج وتهبط الطائرة بسلام، لكن القلوب الواجفة لم تسلم أبداَ من حالة التوتر غير المعهودة تلك. هبطت الطائرة وتقرر استئناف الرحلة في الرابعة عصراً، لكن أحدا من المسافرين لم يحضر. لمست في تلك الرحلة يقينا ملفتاً لدى الراحل المقيم محمد ميرغني فقد كان يقول لن نجد في مروي أكرم ولا الطف من اللطيف الخبير ان متنا وإن حيينا فتلك منة من الله وهو على كل شيء قدير. قال قبل عامين أقام لي اخي الشاعر محمد المكي ابراهيم سرادق عزاء في اريزونا جراء خبر كاذب بموتي وبكى السودانيون في الغربة، وعندما علمت بالشائعة اتصلت بود المكي لأطمئنه فبكى اكثر مما بكى في بداية الأمر. وقلت له ان لم نمت اليوم فالموت آت في الغد لا محالة.
رحم الله الفنان محمد ميرغني وجعل قبره روضة من رياض الجنة.

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)