السيف أصدق أنباءً من الكتب..
حامد النصيح
الموقف الآن الكلام فيه يجب أن يكون بسيطاً سريعاً وحاسم، يقال في عبارة واحدة تحمل خيارين لا ثالث لهما (نكون أو لا نكون)، نعلم انها معادلة الكلام فيها سهل ولكن العمل لتحقيق جانبها الأول صعب ولكنه ليس مستحيل، وقد مرت سابقاً الدولة السودانية كما يحدثنا التاريخ البعيد والقريب، برياح هوجاء كادت تعصف بها، ولكن بفضل من الله ومن شعب السودان وابنائه الشرفاء البرر ظلت السودان متماسك رغم كيد الأعداء ومحاولات المتربصين لهدمه واستعباده كما يحدث الآن، فذهب الزبد جفاء ومكث السودان بارضه وشعبه وكل ما ينفع الناس، واستطاع خلال كل حقب المؤامرات أن يخرج سالماً معافى بفضل من الله وتماسك الشعب، وصموده، بل كان السودان يمثل أحد أهم مصادر الرجال خلال الحربين العالميتين والحروب التركية والعربية، ويكفي بها من شهادة ان يتبوأ السودان أن مصدراً الرجال والمحاربين الأشداء الذين يفزع بهم من يريد نصراً في ميادين المعارك ــ ليس ارتزاقاً ــ بل نتيجة معاهدات واتفاقيات واختيارات مثلى.
والآن قد هيج سقوط مدني وتسليمها للمتمردين تسليم مفتاح، كل كوامن الحسرة والشجن ولكن ظل العزم والثبات يتخللها ليطرد هواجس الخوف والإشفاق التي اعترتنا في لحظات ضعف بشري طبيعي.
لماذا مدني بالذات؟ لانها ليست مدينة ككل المدن.. (لا نقلل هنا من أهمية المدن الأخرى)، فقدسية تراب السودان كلها واحد.. ولكن لان مدني احتوت الملايين من نازحي الحرب في الخرطوم وغيرها ومثلت حاضنة إيواء ومنطلق إغاثة بالإضافة لموقعها في قلب السودان وانها سلة غذاء السودان.. وحسب ظني أراد المتمردين بعد فشلهم في الخرطوم التي استعصت عليهم، أظنهم باحتلال مدني أرادوا ان يطلقوا حكومتهم المزعومة من داخلها بعد ان تمنعت واستعصت عليهم الخرطوم، الموضوع اهلي الكرام اصبح اكبر من كل المؤسسات ، ورغم النكسات التي حدثت لا يزال الامل يحدونا في انفسها ووظلت ثقتنا في الجيش ومقدراته قائمة رغم ما شابها من رشاش الخيانة والعمالة والارتزاق ولكن نقولها بفم مليان ان المخطط كبير وخطير ويحتاج بجانب جهد الجيش الى جهد كل أبناء السودان الشرفاء ليقرروا ليكون السودان او لا يكون لابد من إشراك الاربعين مليون سوداني في القرار المصيري الذي يتعلق ببلاده واستقراره وبقائه، نقولها صيحة عالية وصرخة جسورة ان لا ينفرد الجيش وحده بالقرار لان الشعب من خلفه يدفع الثمن غالياً والشعب ظل الله في ارضه، فلا يمكن تهميشه كما نرى حالياً يجب ان يحترم ويستشار ويملك الحقائق بكل صدق وشفافية لان يقاد بالوصاية ومعاملته كالصبية الذين يحتاجون في مراحل حياتهم لأوصياء ليهدوهم جادة الطريق.
فالشعب يا سادتي بلغ من النضج والفهم قدراً اصبح معه يسمى معلم الشعوب من حوله، والجيش من رحم هذا الشعب الأبي الكريم المثقف الذي أي واحد فيه يمثل امة في نفسه، واي فرد من افراده الشرفاء يستطيع ان يقود ويرأس بلد بحالها، فهو شعب واعي يعرف ما يريد ولديه رؤية، ولكن اذا ما اهمل وهمش عاف وصد ونأى بنفسه من أن تصيبه مذلة في سعيه، وبهذا قد يفتر ولاء هذا الشعب ويزهد في المشاركة التي نرى ان الجيش في هذه المرحلة احوج ما يكون إليها، لابد من أن يستشار الشعب ويستأنس برأيه ويشارك في القرارات المصيرية بعد ان يملك كل الحقائق بكل شفافية ووضوح، شفافية متوازنه لا تخل بخطط او تكشف قرارات المعركة، اشراك الشعب ليقرر نوع لآليات والطرق المثلى لتحرير البلاد من قبضة هؤلاء الذين لا يرغبون فينا إلاً ولا ذمة وقد اتضحت نواياهم واضحة للعيان ولكل من له قلب والقى السمع وهو شهيد ، نواياهم ونوايا من يقف خلفهم في الداخل والخارج طفحت وانتشرت روائحه النتنة وبات يعرفها الداني والقاصي ولا تحتاج لكثير بحث او تثبت فقد اثبتوها بيان بالعمل، ألم نشهد دفن الشباب احياء في زالنجي والجنينة؟ ألم نشهد بيع الحرائر في أسواق النخاسة كسبايا؟، ألم نشهد اغتصاب الفتيات امام انظار ذويهن في الخرطوم ومدني وغيرها من مدن دارفور؟ ألم نشهد كيف يقتل الاسرى وكيف تنتهك الحرمات، ألم نشهد كيف تنهب المنازل وتستباح مؤسسات الدولة من بنوك وغيرها من المرافق والدور ومؤسسات الثقافة والتراث والسجل المدين والجوازات وسجلات الأراضي فهل هذه هي الدمقراطية التي يريدون جلبها إلينا؟ انها كلمة حق اريد بها باطل والشعب لم ينخضع بمثل هذه الشعارات الجوفاء، فالشعب قد ادرك شيئاً واحداً لا ثاني له ، وهو ان هؤلاء القوم ليس منهم رجل رشيد، ولا يؤتمون على البلاد ولا على العباد.. فهل يأتمن الذئب على المرعى؟ التاريخ يخبرنا أن التتار والمغول في القرون الغابرة، كانوا هم البلاء والشر بعينه، فكيف نأتمنهم هؤلاء على الأعراض بعد ان شهدناهم يدنسونها.. والدماء بعد أن أهدروها؟ والأسواق بعد ان نهبوها والدور بعد ان خربوها..
لابد للشباب القادر على حمل السلاح ان ينخرط حقيقة وليست شعارات تطرح لكسب مزيداً الولاء الشعبي وهذه وسيلة لا يجب اتباعها مع الشباب الصادقين حيث لا تجدي نفعاً في مواجهة هذا الطوفان، لابد ان يخرج القادة من مغبة الهواجس والشكوك التي مبعثها التوجس السياسي من تسليح الشباب، لابد من حمل السلاح والدفاع عن ما تبقى من مدن السودان وقراه ونجوعه التي لم تسقط بعد، فالدفاع عن النفس والعرض وتراب الوطن لا يحتاج لأذن من احد حتى لو كان من الجيش نفسه، ولكن لا بأس من التنسيق مع الجيش لتلتحم الصفوف ويتوحد الهدف، ولابد ان يدعم الجيش الشباب المستنفرين والمرابطين على الثغور والتنسيق مع كل من يسعى ويريد الدفاع عن الوطن بدون أي اجندة او حسابات سياسية او جهوية او حزبية فالمرحلة مرحلة عمل جماعي خالي من أي أغراض أخرى غير الدفاع عن تراب الوطن.. ف فلابد من اعادة تشكيل الوعي الشعبي بأهداف المرحلة، ورفع درجة استشعار الخطر في كل المدن ورفع كامل الاستعداد للتضحية بالغالي والنفيس فداء لتراب الوطن وحماية للنفس والعرض وحماية لحياة باقي الشعب من الاطفال والنساء والعجزة، لابد قمع هذا الاستهترار بأعراض الناس وهدر حياتهم وتشريدهم من دورهم واوطانهم..
ارجو ان يستنفر الشباب في مختلف بقاع السودان وتلتزم الحاميات بتدريبهم ومدهم بالسلاح وهم اصلاً مدربون من ايام الخدمة الوطنية الالزامية.. لابد من خلق آليات جديدة تتطلبها هذه المرحلة ، المنعطف الذي تمر به البلاد حاد وخطير.. فاليتوقف الكلام ليتحدث الفعل .. (السيف اصدق انباء من الكتب… في حده الحد بين الجد واللعب)
نقطة أخيرة وهي موجهة لقائد الجيش ومساعديه وكل ضباط وجنود جيشنا الباسل نقول لهم اشركوا الشعب معكم ، وصارحوه بالحقائق دون اخلال باسرار المعركة، اشركوه في القرارات المصيرية التي يجب ان تتخذ في هذه المرحلة، فالشعب وشرافاء الوطن هم الآن يمثلون برلمان عريض منفتح على كل الخيارات التي تحفظ سلامة وامن الوطن، لديه سقف لا محدود لاتخاذ القرارات التي تحدد مصيره فهو ادرى بها بمعاونة مثقفية واعلاميه وسياسية من الشرفاء الذين لم يخونوا او يسقطوا الراية نقطة أخرى وهي ان لا نلتف الآن لخونة والمرجفين والعملاء والمرتزقة هؤلاء لدينا لهم خطط أخرى قوامه العدل والتحقيقات الشفافة والقرارات الصائبة ومن ثم الاحكام العادلة بحقهم حتى يؤخذ لكل من ظلم من افراد الشعب حقه بالكامل دون تفريض، من لدن دوائر عدلية تخاف الله ولا في نفس الوقت لا تخاف فيه لومة لائم.. وما النصر الا من عند الله..
About Author
للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط