الأحد. سبتمبر 8th, 2024

*هل تشمل المساءلة الجنرال البرهان؟!*

إبراهيم عيسى هدل
hadalcom@hotmail.com
هون بعض قادة القوات المسلحة من قوة مليشيات الجنجويد ومقدراتها وقللوا من شأن ما يقدم إليها من دعم لوجستي سخي من دويلة المؤامرات العربية ودول الجوار الأفريقي وتحدثوا عن قرب نهاية التمرد واستئصال الورم السرطاني الوشيك، “والجغم التقيل بالأيام الجاية”، ورفعت تصريحاتهم من معنويات الجماهير وزادت من توقعاتهم بقرب الحسم العسكري للتمرد في الخرطوم، ليتفاجأ الناس بتمدد مليشيا الجنجويد في ولاية الجزيرة وسقوط عدة حاميات بها بما فيها عاصمة الولاية مدينة ود مدني ثاني أكبر المدن السودانية بعد الخرطوم وأكثرها اكتظاظا بالنازحين من العاصمة المثلثة وذلك دون مقاومة تذكر حيث انسحبت الفرقة الأولى مشاة من أرض المعركة دون قتال.

إزاء هذا التطور الخطير في سير المعارك والانتكاسات التي منى بها الجيش في عدة ولايات بدارفور وكردفان والجزيرة بدأت الأسئلة الحيرى تطرح على قادة القوات المسلحة وتحاصرهم دون أن تجد إجابات مقنعة ولم يخرج كل من القائد العام أو رئيس الأركان ليبينوا أسباب انسحابات الجيش المتكررة من جبل أولياء وولايات دارفور والجزيرة، حيث لاذت القيادة العسكرية بالصمت الرهيب وتوارت عن الأنظار مما رسخ لدى قطاع واسع من الرأي العام وجود الطابور الخامس في سدة القيادة العسكرية وخيانة العهد الذي قطعته خاصة وأن هناك شواهد كثيرة على التقصير والتراخي والتردد في اتخاذ القرارات التي تحصن البلاد وتؤمنها كإعلان حالة الطوارئ، وتكوين حكومة كفاءات وطنية مستقلة فاعلة، والجدية في محاسبة ومحاكمة المتمردين وأعوانهم من الطابور الخامس ممثلا في مجلس قحت المركزي، فقد ظل الجنرال البرهان متطلعا للتفاوض مع الجنجويد تحت سقوفات منبر جدة ودول الإيقاد، واتسمت إدارته للمعركة بالبطء والتثاقل في حسم التمرد ومحاصرته سياسياً وعسكرياً خلال الثمانية أشهر الماضية.

يشعر أغلب الشعب السوداني المساند لجيشه بحماس بغصة ومرارة وإحباط شديد لتراجع الجيش وانسحابه أمام زحف متوقع لمليشيات الجنجويد، ولا سبيل لمعالجة الاحباط وترميم آثاره برمي الإخفاقات العسكرية على الشعب الذي كان يحتفل البعض منه ويغني ويفرح رغم مرارة الحرب، أو جعل الهزيمة قرينة لمساندة ضعاف النفوس لمليشيات المتمردين طمعاً بالمال الذي لم تؤمنه الحكومة لشعبها وموظفيها بصرف متأخرات رواتبهم، أو كما يحاول البعض تبرئة القيادة وتنزيه ساحتها من مسئولية سوق البلاد لهذه الهزائم النكراء لسوء إدارتها وتقديراتها الخاطئة للموقف، بلوم الأعداء بالخارج ودعمهم للطابور الخامس طالما لم تتخذ القيادة أية إجراءات تردع أعدائها وتحجم دور خصومها السياسيين الذين ظلت على تواصل دائم معهم!!.

تتحمل القياد السياسية والعسكرية مسئولية نكسات الجيش وانسحاباته من معارك الاحتياطي المركزي وجبل أولياء ونيالا والجنينة وزالنجي والضعين ورفاعة وود مدني والحصاحيصا وأي مدينة أخرى قد تدخلها مليشيات الجنجويد، وهذا يعني فشل تكتيك “الحفر بالإبرة” المتبع في إدارة المعركة إذ لا تصلح الحركة السلحفائية البطيئة في صد مليشيات سريعة الحركة والانتشار تمتك دعماً لوجستياً بالمال والسلاح ولديها من التقنيات الحديثة ما يخترق شبكات اتصالات الجيش بشكل كامل، فضلاً عن الهيمنة الكاملة على الإعلام والسيطرة على وسائط الميديا التي يسجل الجيش بها غياباً تاماً منقطع النظير.

إذا استبعدنا لغة التخوين والاتهام ببيع البلد وتسليمها للجنجويد، فأن الاخفاف والتقصير وسوء الإدارة لا يخفى على كل ذي بصيرة وينبغي أن يشمل التحقيق الذي أعلنة المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة جميع أجهزة الدولة للكشف عن أسباب القصور بداية من تاريخ ١١ أبريل ٢٠١٩م، ليعلم الشعب كيف تمددت مليشيا قوامها نحو ٢٠ ألف مقاتل حتى بلغت هذا الكم الهائل من العدة والعتاد تحت سمع وبصر قيادة الجيش الحالية؟!، لا توجد دولة محترمة بالعالم تريد محاسبة المسئولين عن التقصير بانتقائية وسماحة عفا الله عما سلف المتبعة دائماً تطيباً للخواطر وتجاوزاً للمخاطر!!

ولا شك أن محاسبة ومساءلة المقصرين ومحاكمة الخونة والمتواطئين مع مليشيات الجنجويد ستحدد مواضع الخلل ومكامن الضعف وستذهب بطواقم المتسببين به من المدنيين والعسكريين وتستبدلهم بمن هم أقوى وأصلب وأقدر على تحمل تبعات وتحديات القيادة بكفاءة واقتدار في هذا الظرف العصيب، وفي تقديري أن الجنرال البرهان ورئيس أركانه وأعوانهم لم يعدوا رجال هذه المرحلة، وما عادت البلاد تتحمل المزيد من الضعف وقلة الحيلة والتردد في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)