الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

بين الذاكرة والذكريات

( هذي رؤاي )
عبد العزيز عبد الوهاب

سيبدو مثيرا للدهشة والحيرة معا ، أن تجتمع بالصدفة بأحدهم ويدور بينكما حديث ماتع وينتهي كلاكما إلى تعريف الآخر بإسمه وعنوانه ، لكنك سرعان ماتبدد طاقتك في تذكر اسم صديق اللحظة حين تبتعد عنه خطوات لايصل زمنها إلى أكثر من 20 أو 30 ثانية ، لتنخرط في جولة من (النجر) المخاتل ، من شاكلة : غايتو في حرف ( ص) في إسمه .

بينما يستقر في وجدانك بعض تفاصيل اللقاء مما صادف هوى في نفسك .

ونسيان الإسم بهذه السرعة ، يتم عن طريق ( الإزاحة) وهذا النوع يسمى ( ذاكرة فقدان الأسماء ) ،فالذاكرة القصيرة هنا لديها طاقة تخزين محدودة ولوقت قصير للغاية ،حيث يتم محو بعض المعلومات بينما يتم نقل المثير منها إلى الذاكرة طويلة المدى لتستقر هناك مقاومةً للإنطفاء والضمور .

يعاني بعض الناس ، ممن هم صغار أو كساهم شيب الوقار ، من نسيان تفاصيل غاية في الأهمية ، خصوصا لمن يحرص على الإحتفاظ بالموبايل أو مفتاح البيت أو السيارة في مكان محدد ، سريعا ما ينساه من حيث أراد تعزيز تدسيته ، ليبدأ التفتيش العشوائي وبفوضوية (جنجويدية) الملامح والأثر .

تفتيش ترافقه بهدلة المنتظم وقلبنة المعتدل ، يشترك فيه أفراد البيت ما بين طنطنة وشنشنة وحراق روح .

ليأتي الفرج في كسر من الثانية ومن شخص أو زاوية لا تبدو في الحسبان .

ولتحسين جودة الذاكرة ومن ثم الصحة النفسية ، ظهرت مدرسة جديدة روداها يسمونهم ( التبسيطيون) تدعو للتبسيط و الإحتفاظ بأقل عدد من المقتنيات الشخصية كالملابس والأحذية والاثاثات وتطبيقات الهاتف وغيرها ، مما يوفر للمرء/أة الجهد والوقت وتشتيت شمل الذاكرة في (الفارغة والمليانة ) من شاكلة البحث عن الإبرة في كوم من القش ، كما هو مشاهد في أرتال ( الكرور) الذي لا يخلو منه بيت في السودان ، وبالتالي يمنحها الفرصة للتمتع بالحاجات والذكريات الحلوة وجميلة .

المعلمون والعلماء ورجال الأمن والعباقرة هم الأوفر حظا في التمتع بسعات ذاكرة واسعة ، عالية الجودة ، باهرة في الإلتقاط و الاستدعاء والاستجابة حين تطلب . أكانت ذاكرة سماعية أو بصرية أو شمٌية أو حسية .
ينسى الإنسان بعض الأحداث والأشخاص ، بسبب فشل ذاكرته في التخزين أو لعدم قدرتها على استرجاع صورة الشخص وما يرتبط بها من تفاصيل.

الخرف المبكر والزهايمر والاعتماد على الآلة الحاسبة تمثل عوامل تهديد جدي للذاكرة البشرية .

في حياتنا ذكريات سيئة تولد الجرح وتبقى طويلا فمن الناس من يدعوك ل : تنسى ريدو وتنسى معاه ماضي الذكريات ، وأخرى جميلة تزرع الفرح وتشرح الروح وتمنح حياتنا الإشراق والدافعية خصوصا إذا استدعينا مراتع الصبا الأول وجمال الطفولة وعلاقات الأصدقاء ، وأجمل منها تلك التي جمعتنا بعزيز بذلنا له الحب وسقيناه شهد الكلام وصفو المشاعر.

ومن الجدير ونحن في حضرة الذاكرة أن نذكر بالخير مبدعينا الذين جملوا حياتنا بجميل الأنغام والأغنيات ، منهم الشاعر الرائع حسين بازرعة والفنان الأنيق عثمان حسين في :
ذكرتني حبيبي ذكرتني
ذكرتني عهد الغرام
وأعدت لي ماضي الهوى
يا ليتني ألقى المرام
ونعيش سوى بعد النوى

والرائع عثمان الشفيع أبو ( ذكريات) في :
الذكريات صادقة وجميلة
مهما تجافينا بنقول حليلة
الذكريات في كل ليلة
توحي للحبايب أشياء كثيرة …

                   ودمتم

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)