التصنيف: مقالات

  • لامساومة في شرع الله……* *يذهب الزبد ويبقي الإسلام..!!*

    .بالواضح

    فتح الرحمن النحاس

    يفهم الأسلاميون وكل مسلم صادق أن الإسلام (أكبر وأبقي) من الفئات والجماعات والتنظيمات والأفراد، وهو ليس (شركة خاصة) يستأثر بها البعض دون الآخرين، فهو دين شامل خالد وهو (النعمة الكبري) التي أنعم الله بها علي البشرية لتنال سعادة الدنيا والأخري، فكل من يرفع (راية الإسلام) يجب أن يجد من المسلمين (الدعم والمؤازرة) فإن أصاب (عضدوه) وإن أخطأ (ناصحوه وحاسبوه) ولاكبير علي النصح والمحاسبة ولامساومة ولا(مجاملة) في دين الله، واليوم حينما يجتهد البعض في (محاكمة وشيطنة) الإسلاميين ومن يدافع عنهم، فإن الأمر ليس كما يبدو بل هو (خدعة) تخفي وراءها ( الجُرم الأكبر) وهو محاولات إقصاء الإسلام، كما قلنا كثيراً، وهذا فهمه الشعب وأنطق الله به لسان ألد أعداء الدين وهم العلمانيين واليساريين..!!
    *الإسلاميون بشر يخطئون ويصيبون، فإن ثبت (فساد) علي أي منهم فإن (الفيصل) في ذلك هو القضاء (العادل النزيه) وليست المحاكمات الإعلامية الملوثة (بالهرطقة والوساوس والأكاذيب)، وفي مواجهة هذا فإن الإسلاميين هم (الأقدر) والأكثر براعة في الدفاع عن أنفسهم (أخلاقياً وسياسياً وفكرياً)، أما مايلي أنهم مسلمون وأقاموا شرع الله، وعملوا علي تنمية البلد وخدمة الشعب، فمن هنا يدافع عنهم المدافعون ويهبون (لنصرتهم)، وهذا الدفاع وتلك النصرة إنما لأجل (سيادة الإسلام)، ونماء الأمة، فكل من يمشي تحت لافتة إسلامية (صادقة) ويخدم الوطن والشعب، يجد ذات الدعم والسند من الآخرين..!!

    *وليست المساندة للإسلاميين من قبيل (التطبيل) أو النفاق أو السعي وراء مصلحة خاصة، فتلك (أباطيل) يروج لها خصومهم، وقد لايعلم هؤلاء (الجهلاء) أن من يدافعون عن فترة النظام السابق والإسلاميين، (غالبيتهم) من الذين لم يحصلوا منهم علي شئ كما حصل زمرة من (المنافقين) الذين تنكروا لهم وركبوا (قطار قحت) بلا حياء أو وخزات ضمائر… (فاشبعوا) يامن تظنون الظنون وارتوو من مايحلو لكم من (قاذورات) الكلام والكتابات، فالإسلام باقٍ رغم أنوفكم و(حماته) لن يضعوا سيوفهم ولن يكفوا عن نصرة الإسلاميين حتي يعود عرش الدين أكثر (قوة وبهاء) من ماكان..!!

    سنكتب ونكتب…!!!

  • غياب الشفافية في مهمة الآلية الثلاثية : مؤتمر سلام جوبا نموذجاً..

    غياب الشفافية في مهمة الآلية الثلاثية : مؤتمر سلام جوبا نموذجاً..

    د. إبراهيم الصديق علي

    تبدو الآلية الثلاثية حريصة على توضيح ان إنعقاد ورشة سلام جوبا لضمان تنفيذها وتحقيق السلام، و الآلية تكذب دون حياء وهي تعرف ان قضية سلام جوبا تم إثارتها من مجموعة الحرية والتغيير المجلس المركزي إنتقاماً وتشفياً من بعض الحركات المسلحة وموقفهم من قرارات ٢١ أكتوبر ٢٠٢١م، والهدف تقليم هذا الإتفاق وتعديله أو إلغاءه وليس ضمان تنفيذه..
    و الآلية الثلاثية تتجاهل الحقائق وهي تدرك وتعرف ان الفاعلين الأساسيين غابوا عن الورشة، ومع ذلك أنعقدت، لم تحضرها اغلب الحركات المسلحة، ورغم دعوات ومناورات فولكر بيرتس رئيس بعثة يونيتامس مع مناوي وجبريل إلا أنهما رفضا صراحة الورشة والمشاركة فيها..
    و الآلية الثلاثية لديها علم بإعتذار جوبا عن المشاركة في الورشة..
    و الآلية تراقب إجتماع الإتحاد الأوربي وسفراء غربيين مع الفريق أول عبدالفتاح البرهان لمناقشة غياب فريق سياسي مهم عن الإتفاق الإطاري وتحديدا ورشة السلام..
    ومع ذلك تتمسك بخيط واهن وإدعاءات مهزوزة بسعيها للإجماع.
    في يونيو ٢٠٢٢م، أوقفت الآلية إجتماعات المائدة المستديرة لغياب أطراف قالت انها مهمة، ولكنها اليوم تواصل في ورشة عمل مع غياب كل أطرافها الفاعلة..
    هل تزييف وخداع بإسم الأمم المتحدة وبإسم الإتحاد الأفريقي وبإسم الإيقاد، وكتابة مقال لا يعالج المسار الخاطيء وإنما المطلوب إيقاف هذا المسار وفتح المجال للجميع دون تمييز وحماية لطرف دون آخر..
    د. إبراهيم الصديق على

  • ورشة مصر

    د. أحمد عيسى محمود
    عيساوي

    استشعرت مصر الخطر الداهم على أمنها القومي. لذا بادرت بقيام ورشة لمناقشة المعضلة السودانية يوم (٢/٨) القادم إن شاء الله. وقد ناهض تلك الدعوة الذين تتعارض مع مصالحهم. في الوقت الذي وجدت فيه قبولا من قطاعات كثيرة من السودانيين (أحزاب وتكتلات… إلخ). ومصر مع الحل الشامل. وعدم المساس بالجيش. وتكوين حكومة كفاءات لباقي الفترة الإنتقامية. ومن ثم قيام الإنتخابات. سؤالنا للرافضين. لماذا تركتم الأمارات زهاء أربع سنوات تعبث بأمن ومقدرات الوطن؟ الإجابة واضحة (الكاش يقلل النقاش). يا هؤلاء تبدلت المواقف. أمريكا في سباق مع الزمن خوفا من الدب الروسي والتنين الصيني. وهي صالحت طالبان الراديكالية. كيف ترفض كيزان السودان رجال الدولة؟. أيضا أثيوبيا حفاظا على أمنها القومي حيدت السودان بالأمس استعدادا للمعركة المتوقعة مع أريتريا. وهذا وضح جليا في موقف أبي أحمد من قضية السودان. ولا يفوتنا موقف سلفا الداعم للبرهان. وكذلك تشاد. عليه نضع الكرة في ميدان العقلانية. إذا كان المثليون خرجوا (وحدانا وزرافات) مطالبين بحقهم المادي في ثورة السجم. كيف لا نبادر بإعطاء الجالية السودانية البالغ عددها ستة ملايين في مصر حقها الأدبي لتنال شرف الحل؟. يا هؤلاء مصر متحملة جالية سودانية أكبر من سكان أربع دول خليجية (الكويت والأمارات وقطر والبحرين). أما بخصوص حلايب وشلاتين ففي الحريات الأربع يكمن الحل. وخلاصة الأمر لتثق قحت أن مصر لا تفرض في أمنها القومي مهما كانت المبررات. عليه لا يمكن أن تترك السودان (لشوية عيال) ليهدوا على رأسها المعبد.

  • حسن فضل المولى يكتب : جمال الوالي … النُّضَار …

    إنَّ من أشق و أرهق الأفعال إلى النفس
    أن تتوخى ( الاعتدال ) و أنت تتحدث
    عن إنسان تُحِبه أو آخر تبغضه ، فإنك
    في الحالتين ترجو ( الله ) أن يعصمك
    من ( تَجاوُزِ الحد ) و أنت تُقبل على
    من تُحِب ، و يعصِمُك من ( تَجاوُزِ الحد ) و أنت تَنْأى عمَّن تبغض ..
    و أنت تُقْبِلُ على من تُحب ، فإن ( الاعتدال ) لا يعني غمط الحق ،
    لكنه إظهار الحق بحق و حقيقة
    و استحقاق ..
    و هذا ما أجدني أكثر حرصاً عليه و أنا أكتب هذا المقال بعنوان ..
    ( جمال الوالي … النُّضَار … ) ..
    و النُّضَار هو الخالص من كل شائبةٍ
    و زِيف ..
    ذَهَبٌ نُضَارٌ ، و وجه نُضار ، و نفسٌ نُضار ، و ( جَمالٌ ) نُضار ..
    و ( جمالٌ ) نُضارٌ يعني ( الحُسنَ )
    الخالص ..
    لكني أعني به هنا ، ( جمال بن محمد بن عبدالله الوالي ) الخالص ..
    الخالص من كل شَيْنٍ و دَرَنٍ و وهَن ،
    إلا ما يعتري ابن آدم من نقائصَ فُطِرَ عليها ، ذلك أن الكمال لله وحده ،
    و المعصوم رسولنا الكريم وحده ..
    و هكذا هوَ عندي ..
    و هكذا هو عند من عرفه و خالطه ..
    و عندما غُيِّب يوماً قَسْراً ، قلت إن
    ( جمال )حين توارى في تلك الغَيَابَة ، تبين للقاصي و الداني ، كم أن الرجل محبوبٌ و مُقِيمٌ في القلوب ..
    إنني منذ أن عرفته فهو ( جمال ) النبيل ..
    رفيق ، و رقيق ، و شفيق ، و أنيق ،
    و ذو وجهٍ طليق ..
    يجتهد في إنفاق ما يأتيه من مال ٍ،
    حتى تكاد تشفق عليه و تقول لسائله :
    إتق الله فيه ..
    و تجده يسبقك إلى المسرات ،
    و هو في الصدارة عند كل نازلة ..
    حتى وهو بعيد ، يسبقك بالسؤال ،
    و الإتصال ، و تفقُّد الأحوال ، و بذل
    النوال ..
    يعني في كل شأن هو ..
    أمام ٌ، و إمامٌ ، و مِقدام ، و قِدااام ..

    نعم ..
    إني لأشهد أنه كان دائم الإنفاق ، سِراً
    و علانية ..
    إذا أقبل ، و طبعُه الإقبال ، فإنه
    كالسحابة الوطفاء المِدرارة ، يُعطي
    عطاء من تظن أنه قد آثرك بما لم
    يؤثرك به أحدٌ من قبل ..
    و كان لا يأتي هذا الصنيع عن حال
    من يجلس على خزائن من ( ذهبٍ )
    و ( دولار ) ، كما يظن الكثيرون ..
    و لكنه ..
    و كما أعلم عنه ، فقد كان كثيراً ما يُمسي وهو خالي الوفاض ، إلا من
    يقينٍ راسخٍ بأن المال غادٍ و رائح ٌ،
    و يبقى من المال الأجرُ و الأحاديثُ
    و الذكر ..
    كان دائماً يقول لي : ( أنا ما بقدر
    أقول لي زول ما عندي و أنا عندي ) ..
    و أذكر أنه في لقاءٍ ( ببيت الضيافة ) ،
    ضم الرئيس الأسبق ( عمر البشير ) ،
    و جَمعٌ من المغتربين ، قال لهم
    ( البشير ) عندما أشار أحدهم ( لجمال ) :
    ( يا جماعه جمال ده ماغَنِي ، لكنه
    سخي ) ..
    وفعلاً ..
    تجده ( مَعْبَراً ) للمال و ليس (خازِناً ) ..
    فمايأخذه من هناك ينفقه هنا ..
    و ما يأخذه من ذاك يمنحه هذا ..
    و إن لم يكن يملك ، فإنه يستدين
    من أولئك لينفق على هؤلاء ..
    و تجده في ذلك وَرِعاً عفيفاً ، لايأخذ
    إلا بحق لينفق في حق ..
    و لعله طيلة الفترة التي قضاها رئيساً لمجلس إدارة ( بنك الثروة الحيوانية ) ، فقد دخله نظيفاً و خرج منه أنظف ، لم يتقاضى أتعاباً عن ذلك التكليف ، و لم يقترض من البنك مليماً و احداً ، و من حقه ذلك ، كما يفعل معظم رؤساء مجالس إدارات البنوك ، و من ساوره شكٌ في قولي فليذهب إلى البنك
    و ليسأل كما فعل البعض من قبل ، وهم يسارعون سؤالاً و نبشاً علَّهم يجدون مَذَمَةً يطيرون بها في الآفاق ..
    و على هذا فقِس ، إذ أنه في كل
    تعاملاته المالية يَتَحَرَّى الحلال ،
    و يَتَقي الشُّبُهات ..

    كان يحرص في كل موسم حج على
    استئجار طائرة يحمل على متنها
    فوجاً من الحجيج ، تجد بينهم ،
    القريب إليه و البعيد منه ، الميسور
    و الفقير ، ومن لم يكن يتوقع أن
    يناديه المُنادي بهذه السرعه و هذا
    اليسر ..
    و تجده يسهر على راحتهم و ينشط
    في خدمتهم و يحمل هم كل واحدٍ
    منهم ..
    و كنت مرة واحداً من هؤلاء ..
    وترافقنا ونحن نؤدي مناسك هذه
    الشعيرة ، وفي طريق عودتنا من
    ( عرفات ) راجِلين إلى ( مُزدلِفة ) ،
    ثمَّ إلى ( مِنى ) ، و عند رمي ( الجمرات ) ، و ( الطواف ) ، كنت
    أجده دائماً أمامي مُنطَلِقاً لا يلوى
    على شيء ، و لم تفلح معه كل
    محاولاتي في مُحاذاته ، مما جعلني
    أُحَدِّث نفسي بأن ( جمالاً ) يشُق
    عليك أن تسبقه في كل حالٍ و مآل
    و مجال ، إذ أنه سابق في الخيرات ،
    و بالخيرات نحو الخيرات ..
    و كنت أُغْبِطُه ..
    و الغِبطَة نقيض الحسد ..
    الحسد أن تتمنى زوال النعمة من غيرك ..
    و الغبطة أن تتمنى أن يكون لك مثل
    ما لأخيك ، ولا يزول عنه خيره بل يزيد ..

    ما أصاب الداء حبيباً لديه ، أو وقف
    ببابه ذو عِلَةٍ ، أو تناهى إليه خبرُ مريضٍ
    إلا و أسرع إليه ، و كان الطبيب المؤازرا ، قبل الطبيب المُدَاويَّا ..
    و إبان فترة عملي ( في مصر ) ، و لفترة
    تقارب الأربعة أعوام ، كان لا يمر بي وقت إلا و يزفُّ لي مريضاً أو أكثر ،
    و كان يتابع مسيرة علاجهم صباحاً
    و عَشِية ، فأتعب أنا و لا يتعب هو ،
    و يناقشني بدرايةٍ في طبيعة العِلة
    و ما يُناسبها من علاج و دواء ، و لعل
    ذلك يعود إلى كثرة متابعته لمثل هذه
    الحالات ، أو مما يتعلمه من حرمه
    الطبيب الإختصاصي دكتوره ( نعمه
    إبراهيم حسن النعيم ) ، و هي شقيقة
    الدكتوره ( كوثر إبراهيم ) حرم الأرباب
    ( صلاح أحمد إدريس ) ..
    و لقد شهدته عياناً ، و نحن في ( دبي ) عندما باغت الداء صديقنا ( عبدالعزيز برجاس ) ، فأسرع بنقله إلى مستشفى (سليمان الحبيب ) ، و رابعنا الوجيه ( أحمد القاسم ) ، سادِن ( الذهب )
    و ( النفائس ) ، و رأيت ( جمال ) يلاحق الأطباء بالسؤال إشفاقاً ، حتى أنني كنت أشفق عليهما ، و عندما قرر الطبيب تنويمه ، و لأن في ذلك مخاطرة ، فقد كان يرجو الطبيب أن يتريث ريثما يفعل و يفعل ، إلا أن الطبيب لجأ إليَّ فأذنت له ، و بعدها غاب ( برجاس ) عن الدنيا ( ثلاثين يوماً ) حُسوما ، حتى ظننا أنه لن يعود إلى الحياة الدنيا بعد هذا الغياب الطويل ، و ظل ( جمال ) مُلازماً له ، ملازمة الود و العُشرة و المحبة التي انعقدت بينهما ..
    و في يومٍ زارنا أحد شباب ( المريخ ) وهو يعمل و يسكن في ( الشارقه ) ،
    و في المساء بلغ ( جمال ) أنه قد
    أُدخل ( مستشفى الشارقه ) ، لإجراء
    جراحه عاجله في القلب ، وهو مستشفى فخيم لا ينقصه شيئاً ، فما كان منه إلا أن وجه بنقله في تلك الليله ، إلى ( مستشفى سليمان الحبيب
    الخاص ) في ( دبي ) ، حيث يرقد
    ( برجاس ) ، و أرسل إسعافاً ، رافقه أخي ( صديق كوباني ) ، و جاء به ،
    على مقرُبةٍ من الفجر ، و أجريت له العمليه على أعجل ما يكون ..
    و هو دائماً في مثل هذه الحالات
    يجتهد و يتفانى في فعل و تقديم
    الأفضل و الأجدى و الأنفع ، مهما
    كلفه ذلك ..
    و ليس ذلك و قفاً على العلاج ، فقد
    شهدته و خبرته ..
    فهو يجود عليك بالأحب إلى نفسه ،
    و يمنحك مما يحب أن يقتني لنفسه ،
    و يُحب لك ما يحبه لنفسه و أكثر ..
    لا يَسْتَكثِرُ مالاً
    و لا يدَخِر وسعاً
    و لا وقتاً
    و لا يحجِب وُداً و مَعَزَةً ..
    و أنا واحدٌ من أولئك الذين غمرتهم
    هذه النفحات ، و هذه اللطائف ..

    ورد عن الشيخ ( محي الدين بن عربي )
    أنه قال : ( لن تبلغ من الدين شيئاً حتى
    توَقِّرَ جميع الخلائق ) ..
    و لقد رأيت من ( جمال ) توقيراً للناس
    لا يقدر عليه إلا أولو العزم ، ممن فاضت قلوبهم بالمحبة و الرضى
    و اليقين ..
    و هي محبة ، و رضى ، يتدفقان من
    قلبه فيغمران مَنْ حوله ..
    و لقد رأيت ذلك رأي العين ..
    إذ أنه لم يكن يضيق بأحدٍ
    و لم يكن يرُدُّ أحداً ..
    على كثرة من يُلاقي
    و على كثرة ما يطلُبُهُ مَنْ يُلاقي
    و على كثرة ما يُلاقي مِمَّن يُلاقي ..
    كنت أنا أجد في كل وقت أمام داره جمعاًمن أصحاب المآرب و الحاجات
    يتزاحمون بالمناكب ، حتى أن أحدهم كان يظُن أو يُرَوِّج لأن هذا ( مستشفى )
    و ليس مسكناً ، فقلت له : ( لماذا تدعهم يتجمهرون أمام المنزل
    و فيهم و فيهم ، و قد ينالك منهم ما لايسر ) ، فقال لي : ( خليهم ، مافي حاجه بتحصل ) ، و هو يعرف جيداً
    أن بينهم و بينهم وبينهم ..
    و ذات مرة طلب منه أحدُهم أن
    يَكُف عطاءه عن ( فلان ) ، فهو علاوةً
    على أنه ميسور الحال ، فهو أيضاً ممن
    يسيئون التصرف ، فكان رده أنه يعلم
    ذلك ، و تمادى في وصله له و جزيل صِلاته ..
    و مرة حكى لي ضاحكاً أن أحد أقربائه قال له : ( إنت كده بتْكَمِل قروشك ، طيب مادام مُصِر ماتدي طوااالي ، مَطْوِح الواحد شويه ، تعالي بكره ، أنا مسافر ، أو أي عذر ، عشان الواحد ما ياخد بالساااهل كده ) ..
    و ضحِكنا ..
    و بالطبع لم يفعل ذلك
    لأنه لم يكن بطبعه كذلك ..
    و أنا أعلم جيداً أنه يُعطي أناساً هم
    أفضل حالاً منه و أغنى ..
    و يعطي كثيراً و غزيراً و بلا انقطاع ،
    حتى أنني مرة قلت له ، بدلاً من أن
    تهَب و احداً كل هذا فاجعله لإثنين
    أو ثلاثة ، فما استجاب و أعارني أُذُناً صماء ..
    لم يكن يطيع أحداً أبداً ..
    في منْ يُعطي
    و كم يُعطي
    و كيف يُعطي
    و أين يُعطي ..

    و ما رأيت أحداً مُبَرَءاً من شُحِ النفسِ مثل ( جمال ) ..
    و هوَ عندما يُسأل لا يقول ( لا )
    و في الدنيِّةِ لا تسمع منه غير ( لا ) ..
    ذلك أنه قد جُبِل على أن يرى القبيح
    قبيحاً و الجميل جميلاً ..
    و أنا أخالط الناس كثيراً ، فما أن تأتي
    سيرة ( جمال ) ، حتى تجد من يقول ..
    عالجني أو عالج ( فُلان ) ..
    أقال عثرتي أو عثرة ( فُلان )
    برَني أو برَ ( فُلان ) ..
    شاركنا في كذا ..
    و جاءنا في كذا ..
    و اتصل بنا في كذا ..
    نعم ..
    و أذكر هنا ، و أنا بمعيته بفندق ( قراند
    حياة دبي ) ، حيث إنضم إلينا الطبيب
    البارع ( حاتم أبوشورة ) و صادف أن كان ( بدبي ) شقيقه الودود ( حيدر أبوشورة ) ، و الذي دعانا لتناول العشاء على ضيافته بالفندق ذاته ، و قبل أن يحين الموعد ، أخبرني ( حيدر ) أن صديقه ( فُلان ) سيأتي بمعيته ، و هو رجل أعمال شاب يقيم ( بدبي ) و قال لي : ( عارف ياحسن صديقي ده لما عرف أني عازمكم و معاكم ( جمال ) ، أصرَّ أنو يجي معاي ، و أخبرني أن والده قد جمعه مرة هوَ و إخوانه ، و هم من أسرة ( أم درمانية عريقه ) ، و قال لهم
    في أي مكان تلاقوا ( جمال الوالي ) ده ،
    تكرموه غاية الإكرام ، فقد أكرمني
    يوماً ) ..
    و كثيرون رأيته ينفَحُهُم و يتلطف بهم ..
    و كثيرون أسَّروا لي بما قدمه لهم ،
    و تلك المآذق التي أخرجهم منها ،
    حتى أني كثيراً ما أتساءل : كيف أُتيح لهذا الرجل فعل كل هذا ، لكل هؤلاء ،
    بكل تلك الشهامة و المروءة الشماء ..
    و لكن ..
    ( على قدر أهل العزم تأتي العزائم
    و على قدر الكرام تأتي المكارم ) ..

    لا ينقاد أو يمضي و هو مغمض العينين ..
    أبداً ، أبداً ..
    له موقف ، و له رأي ، و له رؤية ..
    إذا حاججته فإنه يحاجَّك الحُجة بالحجة ، و يصادم إذا اقتضى الأمر
    مصادمة و منازلةً و مُناجزةً ..
    و لكنه في كل الأحوال ، يفعل ذلك
    إحقاقا للحق ، الذي يرى أنه بالإتباع أنفع و أجدر و أحق ، و ليس إنتصاراً للنفس أو ميلاً مع الهوى الأخرق ..
    و أنا هنا أتحدث بما شهدت و رأيت ..
    لقد أمسك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بيد رجل في المسجد ، وقال للحاضرين: ( من منكم يشهد لهذا الرجل ؟ ) «أي يضمنه» ، فقام رجل وقال : ( أشهد بأنه رجل صالح ) ، ثم جلس ، فأوقفه عمر وقال له: ( هل أنت جاره الأقرب؟ ) فقال: ( لا ) ، فسأله عمر : ( هل رافقته في سفر؟ ) ، فقال : ( لا ) ، فسأله عمر : ( هل عاملته بالدرهم والدينار؟ ) ، فقال: ( لا )، فإذا بأمير المؤمنين يقول له: ( اجلس أيها الرجل الطيب فإنك لا تعرفه ) .. ثم قال عمر للرجل بعد ما رد شهادته: ( لعلك رأيته يتمتم بقراءة القرآن في المسجد ، فغرتك هذه التلاوة ، فظننت أنه رجل صالح! ) ..
    لقد عملنا معاً في مكان واحد ..
    و ضربنا في الأرض معاً ، شمالاً و جنوباً
    و شرقاً ..
    و ترافقنا بالساعات ، و نحن نرتاد مراتع الأفراح ، و نغشى مضارب الأتراح ..
    فوقفت على طرفٍ مما رويت ..
    و وقفت على تلك المحبه التى كان يبذلها له مَنْ هم أمامه و وراءه ، و عن
    اليمين و عن الشمال ..
    و حتى عندما اقتحم مجالاً لا يُجْمِعُ
    أهلُهُ على أحد ، و لهم رأي في كل من
    يتقدمهم ، فقد كان الأمر جدّ مختلف بالنسبة ( لجمال ) ، و هو يتسنم رئاسة ( نادي المريخ ) ، و أنت تستمع إلى كثيرين ، و ليس كل ، و هم يتغنون ..
    ( لن نُوالي غير الوالي ) ..
    ( جمال الوالي رئيس طوالي ) ..
    و في منحىً آخرٍ طريف ..
    لقد ذهبت برفقته يوماً لتقديم واجب العزاء في شقيقة ( أبراهومة الصغير ) ، بحي ( ود أورو ) ، و صادفنا ( الهادي نصرالدين ) و هو أحد أشهر ظُرفاء
    ( أم درمان ) في مكان العزاء ، و كان يحمل ( لجمال ) محبة خاصة ، كنت شاهداً على كثير من مظاهرها ، وترافقنا معه ، لزيارة أحد الإخوة جوار ( مسجد الإمام عبدالرحمن ) ، في طريقنا إلى ( الثورة ) ، و قد دعانا بإلحاح للغداء فاعتذرنا ، فقال : ( طيب أقعد إنت يا الهادي ) ، فأجابه : ( يازول إنت ما نصيح ، غَدَا شنو البقعد أحْرِسو ، وأخَلِي ليهو جمال الوالي ) !!
    محبة لا تُشْترى ..
    و لا تُستلَف ..
    و لا تُدَّعى ..
    و لا تُصطَنع ..
    و لا تأتي مصادفة ..
    و لا يظُننَّ أحدٌ أنها محبة مردها إلى
    إنفاق المال و حده ..
    لا ، و كلا ..
    إن مَرَدَّها إلى البذل بحب ..
    و مباشرة الناس بحب ..
    فيكافِئك الناس حباً بحب ..
    و يَرُدون لك الحبَ أضعافاً مضاعفةً
    من الحب ..
    فتجد نفسك سابحاً في بُحيرةٍ من الحب ..
    و تجد الحبَ يملأ قلبَك فتستحيل
    بحيرةً عذبةً تعيش كلُ سوابِحِها في
    حُبٍ و حُبٍ و حُب ..

    و كما أن ( جمال ) محل حفاوة الآخرين
    و ثنائهم ، فهو لا يفتأ يثني بكل ما أوتي من مشاعر نابضة بالوفاء ، يثني بكل الامتنان ، و بكل الغبطة ، و بكل عبارات المحبة على كل من أهدى إليه جميلاً ، و يُعظِّمهُ و يحدِّث به و يزهو ..
    و أنا كثيراً ما حدَثني ، عن ذلك الذي
    بسط له من المودة ما يُثلِجُ الصدرَ ،
    و ذلك الذي آزره ، و ذلك الذي أعطاه
    مما يحب و يضنُّ به الآخرون ..
    و كما أن هناك أُناسٌ تصادفهم في
    الحياة يَسْتَصْغِرون العظيمَ الذي
    الذي يُساق إليهم ، فإن جمال يعْظُم
    في عينيه الصغير الذي الذي تقدمه له
    على استحياء ، بل و يفرح به و يُذِيعُه
    و يُباهي ، و لسان حاله يقول ..
    إن قليلَكَ لا يُقال له قليلٌ ..
    و لكنه كثيرٌ كثير ..

    و عَهِدتُ ( جمالاً ) مُقْبِلاً على أطايب الحياة و رونقها ..
    يُقبل على الأجمل ..
    و يختار لنفسه الأجمل ..
    و يَهَبُ الأنضر و الأجمل ..
    و يدعوك إلى حيث الأجمل ..
    و معه تعرف من الأصحاب الأجمل ..
    و يتوخى فيما يفعل و يقول الأجمل ..
    و يطربه ( كمال ترباس ) ، بغنائه
    و تطريبه الأجمل ..
    ( ما تهتموا للأيام
    و ما تهتموا أصلو الناس حياتا ظروف
    تتحكم تغير كل خط مألوف
    و ما تهتموا للأيام
    مصير الزول حياتو ياما فيها يشوف
    و في دنيانا بنلاقي الفرح و الخوف
    و ما تهتموا للأيام ) ..
    و التِماس الجمال ..
    و إشاعة المحبة من صميم خٌلق المتصوفة ..
    و ( جمالٌ ) مطبوع على وَلَهٍ بالمتصوفة
    و منجذب إليهم ..
    كان قريباً من الشيخ ( عبدالرحيم البرعي ) ..
    و كان قريباً من الشيخ الدكتور ( الجيلي عبدالمحمود الحفيان ) ..
    و كان قريباً من كثير من أئمة التصوف
    و شيوخه و أوتاده ..
    فتعَلَم منهم و ارتوي من حياضهم..
    و المتصوفة يَقبَلون الناس بعِلاتِهم
    و يُقبِلون على الناس على عِلاتهِم ..
    و لا يضيقون أو يتأففون من عِلاتِهم ..
    و يُحَبِبُون إليهم ( الطريق )
    و يُجَمِّلونه لهم
    و يُذَكِرونهم أنَّ ..
    ( الأرض أرض الله
    و المَقَامُ واسعٌ
    و رب الدار كريم ) ..
    و ليس هناك أبلغ مما ذهب إليه
    شيخُنا ( محيي الدين بن عربي ) ..
    ( و أنا يا أهل الخير عَبدٌ مَحْضٌ لله ،
    لا أطلب التفوق على عباده ، بل إني
    أتمنى أن يكون العالم كله على قدم
    واحده في أعلى المراتب ، فلا ضيق
    في مراتبِ المعْرِفة و الكمال ) ..
    و كذلك فقد ثبت لي ..
    لا ضيق في نيل المعالي ..
    و لاضيق في اكتساب الخيرات ..
    و لا ضيق في تفريج الكُرُبات ..
    و لا ضيق في السعي بين الناس بالمودة
    و المسرات ..
    و العاقبة للصادقين المتقين السابقين
    بالقُرُبات ..

    و ( جمال ) من قبل و من بعد..
    تجده باراً بأهله و موصولاً بقرابته ،
    و هو ينتمي إلى دوحةٍ أنى ذهبت تجد
    لها فرعاً داني القطوف ، فمن ( الزيداب ) بنهر النيل ، إلى ( آل الأزرق ) بالقضارف ، و الذين هم أهل علمٍ و دين و كرم و نجدة ، و انتهاءً بالجزيرة ، هناك و هناك ، و هنا في
    ( فداسي ) ، حيث مسقط رأسه ،
    و مقام ( أمِّهِ ) و ( أبيه ) و ( فصِيلتهِ
    التي تؤوِيِهِ ) ..
    و أبوه الشيخ ( محمد عبدالله الوالي ) ،
    كان من قيادات المزارعين ، و قيادات
    الإتحاديين ، و منارات الوجَهَاء ، و نال عضوية الجمعية التاسيسية ، و هو عالِمٌ و شاعرٌ تَنْسِبُه إلى فحول الشعراء ، و دونكم هذه الأبيات من قصيدته التي نظمها ناعياً فيها إبنه الغريق ( الصادق ) ..
    ( أملٌ تبَدَّدَ فاستحال سرابا
    و منىً كَذَبْنَّ و كُنَّ قبل عِذابا )
    و يمضي ..
    ( يا نيل قالوا إن ماءك نعمةٌ
    يَهَبُ الحياة سعادةً و شبابا
    يغشى اليباب فيستحيل مواتُه
    روضاً يرف أزاهراً و خِلابا
    ما بال مائك عَمَّ روضَ سعادتي
    فأحاله بعد الحياة يَبَابا
    يا نيل هل أدركت من غَيَّبْتَهُ
    و منعته الأنفاسَ و الأسبابا
    يا نيل هل أدركت موقع ”صادق”
    مِنا و كيف زَكَا صِباهُ و طابا
    يا نيل لو أدركت سرَ نُبُوغِه
    و ذكاءه المُتوَقِّد الوثابا
    ما كنت تجرؤ نِيِلُ أن تغتاله
    و تسير فوق رُفَاتِه مُنسابا
    و تخلِّف الآلام تَعْمُر رَبْعَنا
    و الحزن ينشر فوقه أثوابا
    لولا قليلٌ من تُقىً حصَنْتُهُ
    بحِمىً من الإيمان عزَّ جَنَابَا
    قد هبَّ يُلْهِمُني التصَبُّرَ و الرضا
    بقضاء ربي صابراً أوَّابا
    لهَلَكتُ حُزناً عند فقدي(صادقٍ )
    أو عشت عُمري لا أحِيرُ جَوابا ) ..

    و ( جمال ) تجده كثير الفخر ( بفداسي ) ، و ( الفدَّاسه ) ..
    و حقّ له أن يفخر و يزهو ..
    ففي هذه البلدة المعمورة التي تتوسط ( الحصاحيصا ) و ( مدني ) ، تجد
    من الأخيار و العلماء ما يُدهِشُك ..
    تجد فيها أساطين الطب ، و الهندسة ،
    و الفقه ، و الزراعة ، و الإعلام ، و علوم الفيزياء و الكيمياء و الطيران
    و الحيوان ، و فُصوص الحكمة ، و كل لغات الفرنجة و ألسنتهم ..
    و نحن نشاطره العزاء في رحيل والدته ،
    طَفِقتُ أُحدِّث من كان إلى جانبي عن
    عظمة هذه البلدة و أهلها ، فأشرت
    إلى جماعة من الناس كانوا على مقربة
    منا ، يجلسون في وقار و تواضع
    و تأدُّب ، و يرتدون أبسط الثياب ،
    و يَحْتذون أبسط الأنْعُل ، و منهم من يرشف كوباً من الشاي ، و آخر يصلح عمامته ، و من هو حافي القدمين ، حتى تحسبهم لم يغادروا ( فداسي ) يوماً ، و ما عرِفوا ( الخرطومَ )
    و ( أمدرمانا) ..
    قلت له أُنْظُر ..
    هؤلاء كُلُهم من هُنا ..
    و هؤلاء جُلهم نوابغ و فطاحِلة
    و جهابِذة ..
    و كلهم مهوى أفئدتِهم مُرْضِعَتِهم الرؤوم ( فداسي ) ..
    هذا بروف ( فلان ) ، و هذا بروف ( فلان ) ، و هذا اللواء ( فلان ) ، و هذا بروف ( حسن الزين ) الخبير الإعلامي ، و قد درسني في الجامعة ، و هذا البروف ( مبارك المجذوب ) المتخصص في أمراض الدم ووزير التعليم العالي ، و هذا البروف الفريق شرطة ( صلاح المجذوب ) اختصاصي المخ و الأعصاب و المحاضر ( بجامعة الرباط ) و هذا المهندس البروف ( الشيخ المجذوب ) و هو زوج شقيقة ( جمال ) و هذا الباشمهندس ( آدم عبدالله ) كان نائباً لمحافظ ( مشروع الجزيرة ) و هو زوج شقيقة ( جمال ) ، و هذا البروف ( بابكر الدرديري ) أستاذ اللغه العربية و قد درسني ، و هذا الشيخ الدكتور ( العاقب حاج إدريس ) أستاذ الإعلام ، و هو من تعرفت عليه إبان فترة عملي معيداً ( بقسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض ) ، و ذاك البروف ( نصرالدين محمد عبدالله الوالي ) مدير مستشفى الذرة ( مدني ) ، و هو شقيق ( جمال ) ،
    و هناك المهندس ( عبدالمحمود سليمان ) مدير سودانير ، و إلى جواره
    المهندس ( عمر يوسف ) مدير الإدارة
    الهندسية لمشروع الجزيرة ، و هو زوج شقيقة ( جمال )، و هذا البروفيسورات ( محي الدين المجذوب ) عميد عمداء كليات الطب ، و قد رُوِيَّ لي أن دكتور ( الأمين محمد عثمان ) طلب منه مرة ( cv ) لتقديمه لمنظمة عالمية فنفد ما بالفاكس من ورق قبل أن تَنْفَدَ سِيرَتُهُ ، و لعل ذاك هو المهندس ( عبدالله خوجلي ) عميد كلية الهندسة بجامعة الخرطوم ، و أيضاً المهندس البارع ( أحمد خوجلي ) ، و الذي سلَّم علَّي قبل قليل هو زميل دراستي في الجامعة العالِم الشاعر ( المغيرة ) بن العالِم الورع الفقيه الشيخ ( محمد رملي ) ،
    و الذي يجلس هناك هو ( محمد أحمد الجاك ) من أثرى الأثرياء في السودان ، و هو خال ( جمال ) ، و الذي أمامه
    ( سيف الوالي ) النافذ في الطيران المدني و هو شقيق ( جمال ) ..
    و هنا أكثر من عشرين من العُلماء الأفذاذ ، الذين نالوا الدرجات العليا
    من أرفع الجامعات الأمريكية
    و البريطانية و الفرنسية ، و لعلك
    لا تلمس فيهم غُروراً و لا عُلُوَّاً و لا استكبارا ، ولا يتَشَدَّقون و لا يُقَهْقِهون
    و لا يَتَفَيْهَقُون ، و لا تصُدُر عنهم ( Yes)
    أو ( No ) إدعاءً و تنَطُّعاً ..
    و إذا انتفضوا و خرجوا سِراعاً و تِباعاً ، فتأكد أن وُجهَتهم ( المسجد ) ، أو
    عائدين إلى أكنانِهم و أشغالِهِم ..

    في هذه المنابت الطيبة نشأ ( جمال ) ، فأخذ من طَيِّبِها و طِيبَتِها و طِيْبِها
    و أطايِبها و طُيُوبِها ، و كل مشتقات ( طاب يطيب ) ..
    و المَنْبَتُ الحسن يورث أحسن الخصال ..
    و لعل من محاسن الخصال أن تسعى
    في قضاء حوائج ( الخلائق ) من الناس ..
    و قضاء حوائج ( الخلائق ) يكون ببذل الجهد و المال و إحسان ( العلائق ) ..
    و إحسان ( العلائق ) من أحب الأعمال
    إلى ( الخالق ) ..
    و ( جمال ) يسعى إلى مرضاة ( الخالق ) بالمداومة على العطاء ..
    و هو عطاءٌ ..
    مع نقاءٍ ..
    في صفاءٍ ..
    على حياءٍ ..
    بصدقٍ و وفاءٍ ..
    و إن عبادةَ اللهِ ، بالقيام على شئون خلقه ، و السعي في مصالحهم ، قد
    تكون أشق على النفس من الجهاد
    في سبيله ، و أرجى منفعة ، و أعظم
    ثواباً ، و أقصر الطرق إلى رحمة الله
    و ألطافه الخفيَّة و نِعمه السخيَّة ..
    و يبقي من حُسنِ المحاسن أن تَلهَج
    ألسنتُنا بما نرى ..
    من صنائع المعروف
    و صُنّاع المعروف
    و مَراقِي المعروف
    و ها أنذا أفعل ..
    أفعلُ ذلك اتساقاً مع قاعدةِ أن تقولَ
    لمن أحسن : ( أحسنت ، و أحسنت ) ..
    و هو خُلُق نبيل يلزم أن نتواصى به
    و نُشِيعُهُ ..
    و بمعنى آخر ..
    إذا أسديت معروفاً لأحدٍ فلا تَعْمَد
    إلى التغني به و الافتخار حتى لا تقع
    تحت طائلة الرياء ..
    و إذا أصابك معروفٌ من أحدٍ أو رأيت
    معروفاً ينالُ أحداً ، فلك أن تُحَدِّث به
    و تُذيعُهُ ، لا و يُندب ذلك حتى تُحَبِب الآخرين في جَميل الفِعال و الخِصال ..
    قال تعالى :
    ٣٩)وَ أَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى
    ٤٠)وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى
    ٤١)ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الأَوْفَى
    ٤٢)وَ أَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ..
    صدق الله العظيم ..
    و على الله قصد السبيل ..

    و السلام ..
    أم درمان ..

  • *حكايتي مع حمدنا الله*

    *حكايتي مع حمدنا الله*

    فيما أرى

    عادل الباز
    (1)*

    لو أنه كان هناك في ذلك اليوم، لأكمل لي بقية الحكاية، وما أجمل وأكثر حكاياه، لو أنه كان يومها بتلك الليلة، ولما غاب وكيف يغيب عنها لولا الشديد القوى، يومها كان سيتزيأ بجلابيته البيضاء المكوية، معتمراً عمامته البيضاء في الصف الأول، يفتر ثغره عن ابتسامةٍ لازمته طيلة حياته، كان سيكمل لي يومها السطر الأخير في حكاية عمر، سيقول لي وأكاد أسمعه (ألم ترَ عمر ليلة تأبيني ألقي كلمة رصينة، بلا لحنٍ، فاضت محبةً وحزناً دفيناً وفخراً ووفاءً وعرفاناً، عمر هذا ياعادل منذ صغره..) ثم تبدا تداعيات الحكاية فتستمتع بتفاصليها، وإذا ماتدفقت ينابيع محبة من والد لولده ستغرق في بحر من العذوبة.. لا يمل الحديث عن سيرة أبنائه وعمر أصغرهم، ذكي وشاطر وعطوف وحنين وقارئ رائع ومهندس اتصالات، لا ينسى أن يذكّرك بأنه (مريخابي)، وهنا تتداعى تفاصيل وشواهد ذكائه وعطفه على والديه وثقافته.

    2
    حين لازم سرير المرض، تجلت لي كل تلك الصفات، وكانت كلمته تجسيداً لكل المعاني التي ظل يحدثنا بها عن عمر.. سنواتٍ من الصبر على حمل ثقيل وهو الصغير.. فعل كل شيء براً بوالديه، وختمها يوم التأبين واضعاً زهرة وشاهداً على صدر ذلك العالم الجميل من الوفاء، شكراً لزين التي جعلت مثل ذلك اليوم ممكناً.

    3
    يبدو أنني بدأت سرد القصة من مشهدها الختامي.. وذلك من باب الوفاء له، قصصي مع عبد الله حمدنا الله لا أعرف من أين تبدأ ولا أين تنتهي، عقدان من الزمان لا نكاد نفترق، مئات من الحكايا والأنس والضحك مضمخة بسرديات من تاريخ اجتماعي منسي، وأشخاص وأماكن لها في نفسه عبير خاص.. لكم كنت محظوظاً، حين كنت أسمع لكلمات المتحدثين فى حفل التأبين، كانت تتداعى في خاطري عقب كل سطر، ذكريات نقشت في ذاكرتي لحكاية أو فكرة أو معلومة، وقتها فقط قررت أن أكتب وأنا كاره لذلك، فأنا أكره موت أحبائي، وأنكر أنهم رحلوا، وما أن أمسك قلمي لأكتب عن أحدهم يجف، وتفيض المآقي فأمسك عن الكتابة، هل سأكمل هنا وقد انتابتني الحالة، الله وحده يعلم، ربنا يقدرني.

    3
    كنت قد التقيت ببروف عبد الله لأول مرة في منتصف تسعينيات القرن الماضي بين طيات السحاب، وقتها كانت الطائرة المصرية تعبر بنا الأجواء إلى قاهرة المعز، التي أنفق فيها أنضر سني حياته العامرة بالعطاء، كنا وقتها نشارك فى أسبوع ثقافي لاتحاد الطلاب السودانيين، وكنت وقتها مزهواً بالقاهرة التي كنت أظن أني أعرفها، فمنذ عقد من الزمان وأنا لا أغيب عنها، أجوب أحيائها ودورها وصحفها التي تدربت فيها ومتاحفها واهراماتها ومسارحها ومعارضها، ولكن حين بدأ قصته وتدفقت حكاياته مع القاهرة مستعرضاً معرفته العميقة والدقيقة بها تاريخاً وثقافةً وفنوناً ومجتمعاً، أدركت أنني على جهل عظيم_ بما ظننته وهماً_ معرفةً واسعةً بها، منذ وقتها أجلست نفسي في موقع التلميذ استمع لكل كلمة يقولها واستمتع بكل حرف كتبه، ثم ترقيت ويا لحظي، فأصبحت صديقاً ملازماً له كظله، أنهل من علمه الواسع وأستمتع بقصصه وذكرياته وأيامه، ويالها من أيام.

    4
    اختارت زين أن تحتفي بعالمه الجميل، عالم الوفاء، بمثله، فجمعت نفراً من عارفي فضله وتلاميذه وصحبه وأهله، لم يجمعهم شيء سوى المحبه والوفاء.. زان الوفاء الممتد للناس والأماكن والتاريخ وللأفكار حياة حمدنا الله وظلل حياته كلها، تلك الخصلة هي جوهر انسانيته وهي التي منحته محبة الناس وعمقت أفكاره ووهبتها بريقاً خاصاً، وعبر بها إلى آفاق شتى، جسّر بها علاقاته مع أهله وأصدقائه والمختلفين معه في الرأي. سأحاول أن أحفر عميقاً في ذلك الجوهر الذي عشته ولمسته، سأبحث عن عبد الله الآخر من خلال قصصه وحكاياته وكتاباته لعلي أصل لأدنى مقامات الوفاء، لأوفي حقٌ، هو دين في رقبتي إلى أن ألقاه.

  • *محكمة مدبري إنقلاب يونيو….* *محاولة لإستمرار حقبة الفشل..!!*

    *محكمة مدبري إنقلاب يونيو….* *محاولة لإستمرار حقبة الفشل..!!*

    *بالواضح*

    فتح الرحمن النحاس
    *أجزم أن من يقفون وراء مايسمي بمحاكمة مدبري إنقلاب يونيو ١٩٨٩، مقتنعون بأنها مجرد (محاكمة سياسية) عبثية، لاجناية فيها تقوم لأجلها الدنيا ولاتقعد، فهي ليست محاكمة بل (مط للزمن) لتستمر في ذاكرة الشعب (خدعة) قحت وماسمي بالتغيير، فهذه المحاكمة التي يتبدل (قضاتها) بين الحين والآخر، تمثل آخر ماتبقي في جراب هذه (الحقبة القحتية) الكئيبة فقد تشتت جمعها واختلط حابلها بنابلها و(ضلًت) طريقها و(ارتبكت) مواقفها، واستبان عجزها في كل شئ، وعليه لابد من مضاد حيوي يمنع (سقوطها النهائي) في ذاكرة البلد والشعب، فكانت المحاكمة المعنية هي المضاد المرجو..!!
    *لم تكن الإنقلابات العسكرية في السودان (بدعة) في يوم من الأيام فهي إما (لإنقاذ) البلد من فشل الديمقراطيات أو هي (إنحياز) لثورة شعبية، لهذا فإن هذه المحاكمة (العبثية) ليست إلا محاكمة لجيش السودان، و(إحتقار) لدوره الوطني، وإنكار ورفض له (كرقم مهم) في معادلة الحكم والسياسة في السودان، والعودة للثكنات ماهي إلا (خرافة سياسية) فالثكنات ليست (أرضاً معزولة) عن إيقاع وحركة الحياة في الوطن، وإلا فلماذا يلجأ السياسيون للجيش في كثير من الأحيان ويطلبون عونه..؟!! وأين الهتاف الخالد شعب واحد جيش واحد..؟!! أهو فقط عند (الحاجة) وعندما يحكم العسكر يتحولوا إلي شياطين في نظر السياسيين..؟!!*
    *مايجري من محاكمة الآن ضد رموز النظام السابق، أولي بها زمرة (العملاء والفاشلين) من رهط الراهن الوطني البئيس، الذين يبيعون الوطن (بثمن بخس) ويخربون ويفسدون المجتمع، ولايستطيعون أن ينجزوا شيئاً لفائدة البلد والشعب…وأليس من الظلم والمفارقة أن تمنح (الحرية) لمن يثبت عليهم (الفساد) ولهف المال العام، ويحاكم الأبرياء بموجب (إتهامات) باطلة تتكفل بها مجموعة يسارية وعلمانية (كسيحة) تجد العون من أطراف رسمية..؟!!
    *لن تغفل ذاكرة الشعب عن حقيقة هذه المحاكمة الغريبة كونها (محاولة معطوبة) لطمس (الإنجازات الباهرة) التي حققها النظام السابق علي يد هؤلاء (الرموز الأشاوس)، ولكن خابت آمال الظالمين فماينفع الناس يمكث في الأرض وأما (الزبد) فيذهب جفاء..!!*

    *سنكتب ونكتب…!!!*

  • التضحية معنى والوطن نعمة والقيادة رعاية والرعاية مسئولية

    التضحية معنى والوطن نعمة والقيادة رعاية والرعاية مسئولية

    بقلم / علي السيد
    مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بالسودان

    ** إذا كان امتلاك المعلومة شيء نفيس فإن توظيفها لا يقدر بثمن، ومن اليسر أن يشكل الإنسان فريق عمل لكن من الصعب توظيف الفريق لتحقيق الهدف.

    وإذا كانت التضحية واجب وفرض عين فإنه يجب أن تكون لدى من يقوم بها القدرة والشجاعة على القيام بها وإلا وقع في المحظور الذي هو أشد عقابًا من التكاسل عنها، ومن ثم لا يكفي الإنسان الإتيان بأحدهما دون الآخر أو دون القيام بهما معًا ، وإلا ينطبق عليه قول الحق تبارك وتعالى :” رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ”.(سورة التوبة، الآية٨٧)، وقوله جل شأنه “وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ”.(سورة الأنفال، الآية ١٦) والوضع الراهن يطرح سؤالًا سهلًا لكن الإجابة عليه قد تكون صعبة على النفس بمكان ، خاصة عندما تختلف الرؤى ويظن كل إنسان أنه يمتلك الحقيقة كاملة دون غيره ودون النظر لأهلية الآخرين وما قد يكون لديهم من معطيات.

    نعم قد يكون الإنسان محقًا في أنه يمتلك حقيقة دون غيره، لكن عليه ألا يعتقد أن غيره لا يمتلك الحقيقة أو لديه القدرة على توظيفها أفضل منه ، لا سيما في مجال العمل العام، الذي يتنافس فيه الجميع وفي بعض الأوقات على إظهار الذات أكثر من الرقي بالنفس والوصول للهدف الأسمى وهو ما يخرج الإنسان أو الجماعة من المنافسة إلى الأنا العالية ومن ثم الكراهية والتناحر إلا من رحم ربي.

    ولعل ما يحدث الآن في الساحة السياسية بالسودان إن دل على شيء فإنه يدل على ابتعاد الجميع عن المعنى الحقيقي للتضحية والتي تتجلي في أبهى صورها في التضحية من أجل الوطن وبعيدًا تمامًا عن المنافسة من أجل رفعته واستقراره وإعادة بنائه ويعمل على الدخول به في نفق مظلم، وإن لم يتم تدارك الأمر ويحدث التقارب بين الأشقاء الذين يجب عليهم إدراك أن الطوفان حال وقوعه-لا قدر الله-لا يفرق بين كبير وصغير إلا من رحم ربي ، ولنا عبرة و عظة في الطوفان الذي أصاب قوم نوح ، لأن اللجوء للجبال أو أعالي الأشجار أو الذهاب إلى ما وراء البحار لن ينقذنا من الهول والخطر الذي يهدد الجميع، وإن نجونا من ذلك فلن ننجو من المسئولية أمام الله تعالى عن أسباب الطوفان.

    علينا أيضا أن نأخذ من حالة اللادولة التي تعيشها بعض الدول الشقيقة العبرة والعظة ، وأيضا نأخذ القدرة والقوة والقدوة من الدول الشقيقة التي تعرضت لما تعرض الوطن له وأن نتلاحم ونتحد وننفض غبار الفرقة من أعلى رؤوسنا وأكتافنا حتى ننجو بأنفسنا ومن قبل ذلك ننجو بالعزيز الغالي الذي نقول إننا نعمل لأجله ونختلف لكي يسمو.

    على الجميع أن يدرك أن من أجلّ نعم الله على عباده هي نعمة الأمن من الجوع والأمن من الخوف “الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ”.(سورة قريش، الآية ٤)، وتلك النعمتان أنعم الله بهما علينا ، حيث جعل لنا الأرض رغدًا ولا ينقصنا سوى نعمة الأمن والأمان التي لن تحقق إلا بالتفاهم والتواضع والقربى فيما بيننا “قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ”(سورة الشورى، الآية ٢٣).والمودة في القربى ليست قاصرة على آل بيت الحبيب سيدنا محمد ﷺ ، بل تمتد بيننا بحكم الترابط والنسب والمصاهرة والدم الواحد.

    ليس عيبًا أن يتقرب الإنسان إلي أخيه ولو كان عاقًا، لكن الحمد لله ليس بيننا من هو عاق لوطنه وأهله وإنما ما يحدث هو أفة العزة بالنفس وشتان بين الحالتين، إن أصعب الحالات على النفس والوطن هي محاولة البعض الانتصار لذاته قبل الانتصار للوطن،. لإن الانتصار للوطن لا يعني سوى شيء واحد فقط هو التضحية من أجله لا التمسك بما قد يؤذيه أو يوقعه تحت مقصلة الأخرين ، لا سيما إذا كان من المعلوم أن تلك المقصلة حال تمكنها من مفاصل الوطن أنها لا تفرق بين مؤيد ومعارض ولنا في أحداث التاريخ عبرة بداية من نابليون بونابرت إلى ما حدث في العراق حيث التهمت المقصلة أول المقربين منها.

    فالواقع الأليم الذي يعيشه السودان يفرض على الجميع تقديم التنازلات من أجل أن يحيا السودان شامخا مرفوع الرأس لا تطاله مقصلة ، جاء في الأثر “الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها”. ومن ثم تكون الدعوة للتفكر هي واحة الأمن والأمان والتي بها تكون النجاة من الفتن والانشقاق. نعم التفكر في الحوار العقلاني والعاطفي أيضا هو المنجي لأن مراجعة النفس والرجوع إلى الصواب أفضل، وإذا كان التحاور مع النفس مزعجًا أو بصوت عالٍ فإنه أفضل حالا من أن يكون خافتًا منكسرًا.

    علينا جميعا أن نسأل أنفسنا سؤالًا محددًا: هل الدعوة المصرية جاءت متأخرة وأن القاهرة كانت غائبةوتريد عدم الاستقرار وفيها انكسار وماذا إذا شاركنا فيها بذهن وقلبِ صافٍ، أليس من الممكن أن يكون فيها من التجربة ما يفيد وتكون تجربة المشاركة ناجحة تنظف الجرح وتضمده حتى يُشفى الجسد من علته.

    لكن علينا قبل أن نجيب على هذا التساؤل أن نستحضر حديث النبي
    ﷺ :ادْنُ يا وابصةُ ! . ، فدنوتُ منه حتى مسَّتْ رُكبتي ركبتَه ، فقال لي : يا وابصةُ ! أُخبرُك ما جئتَ تسألُ عنه ؟ قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! أَخبِرني . قال : جئتَ تسألُ عن البِرِّ والإثمِ . قلتُ : نعم . فجمع أصابعَه الثَّلاثَ ، فجعل ينكُتُ بها في صدري ويقولُ : يا وابصةُ ! استَفْتِ قلبَك ، البِرُّ ما اطمأنَّت إليه النفسُ ، واطمأنَّ إليه القلبُ ، والإثمُ ما حاك في القلبِ ، وتردَّد في الصدرِ وإن أفتاك الناسُ وأفتَوْك .

    وحديثه كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، الإمامُ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ.

    وتبقى كلمة التضحية معنى والوطن نعمة والقيادة رعاية والرعاية مسئولية فيجب علينا ألا نفرط في أحدهم.

  • *مابين حزب الأمة والحلو…..* *سراب يحسبه الظمآن ماء..!!*

    *مابين حزب الأمة والحلو…..* *سراب يحسبه الظمآن ماء..!!*

    *بالواضح*

    *فتح الرحمن النحاس*

    *لن يصدق عاقل أن يكون هنالك توافق فكري بين حزب الأمة القومي المبني علي نهج (الصحوة الإسلامي) وبين عبد العزيز الحلو داعية (العلمانية) لتكون بديلاً للإسلام في السودان، فما نتج عن لقاء الطرفين في جوبا، لايذهب لأبعد من كونه مجرد لهث وراء (سراب) بقيعة يحسبه (الظمآن) ماء أو هو (ترف سياسي) لايصب في مصلحة حلول سياسية (مستدامة) مرجوة لهذا البلد المنكوب بخيبة التغيير، فجماهير الأنصار (المسلمة)، وليس هؤلاء القادة (ضعاف) التجربة والحصافة، يعلمون أن مابينهم وبين العلمانية بعد المشرقين، وأن تراث (المهدية الإسلامي) لا يمكن أن يساوم به مع فرد بين يديه القليل من (الأتباع) المغلوب علي أمرهم ولايساوي جمعهم شيئاً أمام (الملايين) من أنصار الإمام المهدي..!!
    *قد يكون من حق وفد حزب الأمة التفاوض مع الحلو ودعوته (لمائدة السلام)، لكن ليس من حق الحلو أن (يشترط) لفرض علمانيته علي شعب مسلم، وليس من حق وفد حزب الأمة، بل من (فداحة موقفه) أن يقبل بما خرج به اللقاء ويصدر به هذا البيان المشترك الملئ (بألغام الفتنة الدينية)، فنحن ماكنا ننتظر أن يمررها الحزب وذاكرته لم تنس بعد أن من اشترط عليهم ينتمي (فكرياً) لمن (ذبحوا) الأنصار في ودنوباوي والجزيرة أبا تحت حجة أنهم يمثلون (الرجعية الدينية) فهل يتذكر ذلك الشيخ عبد المحمود أبو إمام مسجد السيد عبد الرحمن في ودنوباوي..؟!! ياااااااه ياعبد المحمود أبو… ليتك لم تذهب وتظهر في الصور مع الوفد..!!*
    *أما أن يذهب عرمان ( إبليس القحاتة) للحلو فهذا يناسبه تماماً ولانستغربه فهو عند كل شبهة و(حرب) علي الدين نجده، ولن يحقق مايرجوه ولو جمع له (كل الدنيا) وأصبح مستشاراً لأهلها وليس لفرد واحد، فسلطان الإسلام باقٍ و(سيزدهر) أكثر في هذا البلد المسلم أما عرمان ومن لف لفه فسيلحقون بمن (قٌبروا) قبلهم من أعداء الله ودينه حيث تكون (الحسرات) في إنتظارهم ولاحول ولاقوة إلا بالله..!!

    *سنكتب ونكتب…!!!*

  • لماذا لم يأكل نيوتن التفاحة عندما سقطت

    لماذا لم يأكل نيوتن التفاحة عندما سقطت

    جلال الدين محمد ابراهيم
    صحيفة التيار ( عمود الصفر البارد )
    الحالة الاولي :-
    والسفير الأمريكي يسافر ويتحرك في البلاد كيفما يريد ، ويقابل في الأهلي ولم يترك قرية او ( قهوة ) يجتمع فيه الناس الا قام بزيارتها ، وكان الرجل يريد ان ينزل في الانتخابات القادمة ويريد ان يكون له شعبية من الان او ان الرجل لديه برنامج انتخابي يريد ان يكسب فيه مناصرة الشعب بكل هذه الرحلات والتنقلات والحركة المستمرة ،

    هذا السفر وصل الي مناطق لم يتفقدها ولم يصل اليها حتى من هم في مجلس السيادة ( وعلى سبيل المثال قهوة ام الحسن ) التي انتشرت صورها في الفيس بوك وزيارة السفير الامريكي اليها وجلوسة بين عامة الناس وكان الرجل قد ولد في تلك المنطقة وهو جالس في ( بمبر ) .

    الحالة الثانية :-

    مادة منقولة :- كتب صديقنا الصحفي( مصطفى محكر في الفيس بوك ما يلي ) :- جماعة تسعة ( 9 طويلة ) هاجموا فتاة جامعية في موقف جاكسون، منتصف نهار أمس ،وسرقوا جوالها وأوراقها الرسمية بل سلبوا حتى خاتمها الذهبي بعد أن أشهروا لها سلاح ناري..بينما “الناس” تتفرج !!. الى أين يساق السودان يا من يمسكون بمقاليد السلطة؟!.( انتهت هنا المادة المنقولة)

    وهذا يا اخي (مصطفى محكر ) لهو سؤال مشروع ولكنك لن تجد فيه اجابة ،، لان الوضع أقرب الي عملية ( طناش ) وانا لا اجد ضيقا من ناحية الحكومة ، ولكني غضبت أشد غضب عندما علمت بان الناس في الطريق كانوا يشاهدون ولم يتحرك اي شخص لمساعدة هذه الفتاة ، فهذا يعتبر ( زمان نكسة الرجولة و ارتفاع معدل تواجد الهوانات على الطرقات ) ، ولا عجب اذا كانت البلاد ترتقب اعتماد الاتفاق الاطاري الذي يناصر قيام الدولة العلمانية والتي ضمنها حرية ( المثيليين + اتفاقية سيداو ) الخ الخ فماذا نرتقب يا اخي ( محكر ) .

    الحالة الثالثة :-

    في حقيقة الأمر ان الوضع في بلادنا اصبح غريب ،، بل اصبحنا ( وكأننا ايتام نعيش في ملجأ او نعيش في دولة ليس فيها من علامات الإسلام . .. غير صوت الاذان هنا او هناك )،،، وحسبنا الله ونعم الوكيل في من اشغل نفسه وموارد البلاد في امر مصالحه الحزبية او من اجل مصلحته الشخصية وترك ما يحدث ان يتطور وربما نصل الي الفوضى العارمة ان لم يكن الشعب واعي في مقبل الايام (فقد اصابنا اليأس ) من الحالة التي نعيش فيها

    الحالة الرابعة :-

    بالأمس كتبت مقال في شكل شكوى من عملية (قفل الكباري ) وكلما سمعت الجهات الامنية ان هنالك ( خروج للشباب ) تسارعوا لقفل كبري المك نمر في المقام الأول ،، ولا اعلم لماذا فقط ( قفل كبري المك نمر ) هل لانه قريب من القصر الجمهوري ام أن للمك نمر احتراما خاصا ولا يصح إقامة مظاهرات على ظهر كبري المك نمر ! ! ( اين نظريات نيوتن هنا ) ! ! ! ؟ قلت شنو ! ! !

    الحالة الخامسة :-

    بديت اشك باننا وجدنا في التوقيت الخطأ والزمن الخطأ او كما قال الشاعر نحن في ( زمني الخااائن )  وارتفعت أصوات الخيانة ضج الوطن من معظم الاتجاهات  ( عملاء سفارات + بعض متن يحل الجوازات الاجنبية )  والمصيبة الكبرى  ، هنالك في الفيس بوك وفي الوسائط  الإلكترونية من ينادي  بعودة حمدوك لمنصب رئيس الوزراء ،، والبعض  ما زال  يطبل للدكتور  حمدود بعبارة ( المؤسس )   بينما نحن نعلم  ( بان مصيبتنا وتعاستنا  في وجود ( فولكر هي كانت علي (يد   حمدوك  ) ، ،فهل هو مؤسس  ( ام هو متعس لنا ) ويطالب به البعض ان يعود  ( هل نضب السودان  من العقول ...أم ماذا  )
    

    اخر المداد

    ! لماذا لا يتم اعلان قيام الانتخابات وتحديد زمن لها لا يزيد عن ستة شهور ام نظل في التمديد والمط ،، وصناعة الخلافات من أجل مزيد من المط والتمديد ) .

    تبا لك يا نيوتن لماذا لم تأكل التفاحة حين سقطت ! ! ! ،، كنا ارتحنا واصبحنا ( مع القطيع ) ولا نشعر بما يحدث الان حولنا ،،،،، وحسبنا الله ونعم الوكيل

  • زيارة مدير المخابرات التركية: قراءة بين الأجندة

    زيارة مدير المخابرات التركية: قراءة بين الأجندة

    د.ابراهيم الصديق علي
    (1)
    هذه قراءة حول زيارة رئيس الاستخبارات التركية للسودان ، (16 يناير 2023م) ، من خلال:
    – لقاءاته
    – ما رشح من اخبار البيئة السياسية
    – مسار الزيارة..
    فقد ألتقي رئيس مجلس السيادة ونائبه ، بحضور مدير المخابرات السودانية الفريق أول أحمد ابراهيم مفضل ، ودون اي مشاركة لوزارة الخارجية..
    -مع إستصحاب تطورات الراهن السياسي في ليبيا ، وللسودان دور مهم في الهجرة غير الشرعية ، وفي دعم ملموس تلقته أطراف الصراع في ليبيا ، كما انه حرص اللقاء بالبرهان مثلما ألتقي حميدتي وهو الطرف المؤثر في الاقليم وفي هذه القضايا..
    – ونقطة أخري ، الحديث عما جري في المؤاني السودانية ، وإنشاء ميناء جديد شمال بورتسودان ، وكانت تركيا تأمل ان تكون ذات سهم في قضية الميناء الجنوبي ببورتسودان ، بالإضافة لحضورها الثقافي في سواكن ، وهذا ملف مهم بتفاصيله..
    – نقطة ثالثة ، التقاطعات الدولية ، ومع تمدد الدور الأمريكي وحلفاءه وإنفرادهم بالتأثير والقرار السياسي مستساغا لبعض الدوائر ، ومن بينها أطراف عربية وآسيوية واسلامية ، ولئن ركزت روسيا علي حرب أوكرانيا ، فإن البعد الاستراتيجي للسودان لن يكون غائبا عنها ، وزيارة مدير المخابرات التركية جزء من تفتيت وإختراقات هذه المخططات..
    (2)
    ما هي خفايا الزيارة وبواعثها ، هل هي تخوفات امنية أم ذات بعد سياسي بالدرجة الاولي..؟ لقد تضمنت تصريحات الطرفين عموميات ونقطة واحدة يمكن الاخذ بها (إن تركيا تدعم الإتفاق الإطاري)، وهذه إشارة للبعد السياسي للزيارة ، مقرؤة مع ثقل الشخصية وفاعليتها..
    لقد سحب هاكان فيدان اورنيك للترشح للبرلمان التركي عام 2015م ، واستقال من رئاسة الاستخبارات ، قبل أن يتم إقناعه بالمواصلة في مهامه ، فهو سياسي بالدرجة الاولي ، كما أنه حاصل علي الاجازة في العلوم السياسية من جامعة ميريلاند الأمريكية..
    وخلال زيارته إلي ليبيا التقي هاكان رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة بحضور وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش وكذلك التقي خالد المشرى رئيس المجلس الاعلي للدولة ، ولم يظهر حسين العائب رئيس المخابرات الليلة إلا في لقاء محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي ، فهذه لقاءات ذات طابع سياسي..
    وهذه ثاني زيارة خلال أشهر لليبيا ، ففي اكتوبر 2022م ، قاد وفدا وزاريا ووقع اتفاقية تنقيب في المياه الاقليمية الليبية ، هي محل نقاش الآن بين الأطراف الليبية..
    (3)
    وهنا لابد من إثارة أكثر من تساؤل:
    هل تخشي تركيا أو محاور دولية من تشكيل واقع سياسي في السودان يكون شبيها لما جرى في ليبيا ؟هل تخشي صناعة نسخة جديدة من حفتر؟ أم تخشى تشكيل أكثر من حكومة في السودان وحدوث تجربة تدخل الأمم المتحدة في ليبيا وأنتهى بحكومتين وجيشين ؟..
    – ولا نغفل متغيرات المنطقة ، وتحديدا ما جرى في تشاد وافريقيا الوسطي ، وبحسابات المصالح ، فإن الصراع الدولي والتنافس محصور في منطقة البحيرات (مخزون الماس) ، وليس هناك تأثير ملموس للسودان علي الصراع في هذه المنطقة سوي مساهمته في مجموعة البحيرات ، كما أن السودان ليس طرفاً مؤثرا فيها (رواندا ، بورندي ، الكنغو ، يوغندا وتنزانيا)..
    وعليه فإن الزيارة التركية ذات علاقة بالداخل السوداني ، ويبدو إنها إستجلاء مواقف و بعث رسائل وتأكيد وقائع وفق قاعدتين:
    – تجربة طويلة ومعقدة في علاقة الجيش بالسلطة في تركيا وصراع امتد منذ العام 1924م وأنتهي بمشروع سياسي ودستور ضامن وضابط..
    – معلومات إستخباراتية عن مخططات تفتيت جارية ، وللمخابرات التركية مصادر واسعة الإطلاع وسبق لها توفير معلومات وإتصالات للجانب السوداني..