الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

ورقة : المركزية القابضة تحول دون الحكم

تقرير : نهلة خليفة

مفهوم المشروع الوطني لا يقف عند تمظهر وتجليات الأزمة الوطنية بل يتجاوزها ليغوص في الواقع الوطني فيحدد جذور وجوهر الأزمة وجوانبها المختلفة وأهمها الجانب السياسي الذي يجسده نظام الحكم والجانب الاقتصادي الذي يتكامل مع الجانب السياسي ونظام الحكم لحل الأزمة الوطنية، حيث أن اهم جانب للازمة في نظام الحكم في دول العالم الثالث هو المركزية التي تحول دون الحكم الراشد والذي من أهم اسسه المشاركة، والمساءلة والمحاسبة على اساس حكم القانون في كل جوانب الحياة فضلا عن الحوار ونبذ قبول الاخر. ما تقدم طرحته ورقة قدمها اليوم بمؤسسة طيبة برس للاعلام الخبير المدني الدكتور عبد الرحيم بلال في ندوة بعنوان (المشروع الوطني الغائب في السودان ودور المجتمع في تأسيسه) في إطار منتدى بناء الديمقراطية لتعزيز مشاركة المواطنين في التحول الديمقراطي السلمي في السودان والذي تنظمه المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات ومؤسسة طيبة برس، حيث أشارت الورقة ان اللامركزية المطلوبة في المشروع الوطني هي اللامركزية التي تقلص سلطة المستويات العليا في الحكم التي تلتهم الموارد وتمنع وصولها الي القواعد بهذا المفهوم تصل الموارد لمستويات الحكم التقاعدي وقد اوضحت ثورة ديسمبر في السودان ضرورة هذا المنهج في الحكم وذلك بصعود لجان المقاومة والتغيير في الفعل ونظام الحكم

. كما أكدت الورقة على اهمية موضوع الجانب الاقتصادي في المشروع الوطني في إيجاد المعادلة المعادلة المناسبة لفعل آليات السوق الحر حيث تدخل الدولة باطرها التنظيمية والتصحيحية من ضرائب وجمارك وضمان إجتماعي وتامين صحي لكل المواطنين القانطين في الدولة بما في ذلك الأجانب حيث نجد في سياق هذه المعادلة ثلاث مدارس ومناهج المدرسة الأولى وهي تشييد آليات السوق كما في النظام الرأسمالي وحصر تدخل الدولة فيما هو ضروري مثل الأمن، المدرسة الثانية وهي إلغاء آليات السوق وتسييد تدخل الدولة كما في النظام الشيوعي السوفيتي، والمدرسة الثالثة وهي الدولة الاجتماعية ونظام السوق الاجتماعي كما في دول غرب أوربا. ولفتت الورقة الي ضرورة الإشارة الي ان إيجاد المعادلة المناسبة يعتمد على موازين القوة السياسية في البلد المعنى والمرحلة المحددة لهذا الفعل، وأوضحت انه على منظمات المجتمع المدني التأثير على السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتحقيق الدولة الاجتماعية واقتصاد السوق الاجتماعي.

واكدت الورقة ان اهم قضايا الجانب الاقتصادي في المشروع الوطني في العالم الثالث هو إنهاء هو انها الانحياز المديني الذي يخدم مصلحة الحكام في المدن، وحددت الورقة ان النخب في السودان متمثلة في مثلث (دنقلا، سنار، الأبيض) الذي تركزت فيه التنمية في العهد الاستعماري وما بعد الإستقلال في السودان والقضاء على الانحياز المديني لن يتم الا بالتنمية الريفية المتكاملة لصالح سكان الريف وعامة الشعب وتحديث القطاع المطري التقليدي في شقيه النباتي والحيواني الذي يعيش فيه 60-70% من سكان السودان، وهذا التحديث ضرورة لتحقيق الوضع المثالي لفائض زراعي التصنيع الزراعي وبذلك نقضي على البطالة في الريف والمدن. وطرحت الورقة سؤالا وهو على عاتق من تقع مسئولية تأسيس المشروع الوطني؟ مجيبة ان مسؤولية تأسيس المشروع الوطني تحتاج لمعرفة شاملة ومهنية عالية في مجالات الحكم والاقتصاد والتي تتوفر في في تنظيمات المهنيين والنقابات واساتذة الجامعات خاصة في كليات العلوم الاقتصادية والسياسية وكليات الحقوق ونقابات المهنيين من مهندسين واطباء والقانونيين لتخصصهم في التشريعات والدستور هذا ما يخص الجانب النظري. وفي الواقع العملي النقابات عامة وخاصة نقابات العمال والمزارعين، ويجب أن تشمل هذه المسؤولية المشاركة الشاملة لعامة المواطنين بالتدريب والتوعية التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني والنقابات المختلفة.

وأشارت الورقة الى أهمية دور المهنيين التي تتضح في تطور السودان السياسي بداءا بمؤتمر الخريجين وجبهة الهيئات في ثورة أكتوبر التي شملت نقابات المهنيين واتحاد عمال السودان اوتحاد المزارعين واتضحت أهمية المهنيين كأهم مكون في قوي الحرية والتغيير في ثورة ديسمبر المجيدة عام 2018. واكدت الورقة ان المجتمع المدني والمشروع الوطني الغائب في السودان سببه الأساسي منهج المركزية القابض الذي اورث السودان الحروب الأهلية والكوارث الطبيعية والفقر والجوع والانقلاب حيث أنه حكم لا يسمح بمشاركة المواطنين والذي ورثناه من الاستعمار ولم تحاول النخب تغيير ذلك المنهج (المركزية القابضة) الذي كان سببا مباشر في الخلل الاقتصادي الانحياز المديني والمركزية في الحكم والاقتصاد التي هيمنت فيها الدولة المركزية التي لا تسمح بمشاركة المواطنين فنشأت بالتالي أحزاب لا تسمح هي الأخرى بمشاركة المواطنين كذلك وقامت هذه الاحزاب على الطائفية والقبلية وهما نظامان مركزيان أيضا وكانت النتيجة تحالف بين بيروقراطية الدولة والسوق والقبلية فكانت النتيجة غبن إجتماعي ادي لصراعات بين المركز والاطراف انتهت بحركات مسلحة، ولاحظت الورقة ان كل المساهمات والكتابات في الأزمة السودانية اقتصرت على الأزمة السياسية خاصة في قضية الديمقراطية كمثال على ذلك كتاب محمد احمد محجوب (الديمقراطية في الميزان) و كتابات حيدر ابراهيم (الديمقراطية السودانية بين الواقعي والمثالي في مشروع قراءة من أجل التغيير في ديسمبر 2016 وكتابات رشا عوض (ديمقراطية بلاديمقراطيين الاحزاب بعد أكتوبر في مشروع قراءة من أجل التغيير في فبراير 2013 ، في كل ذلك يتضح الإهمال للجانب الاقتصادي الذي أدى الأزمة الاقتصادية الممتد والدائمة وأهم جوانبها الاقتصادية الإنتاجية المتدنية والعطالة والفقر والحروب والتي لا سبيل لحلها الا لتأسيس المشروع الوطني السوداني مع الاخذ في الاعتبار للفئات الجديدة التي صعدت في المجتمع لتشارك في المشروع الوطني في شقية الحكم والاقتصاد وهي فئة الشباب حيث صارت لهذه الفئات تنظيماتها المؤثرة في المجتمع على المستوى القاعدي حيث انتبهت المنظمات الدولية ومؤسسات التعاون الدولي المختلفة للظاهرة فادخلت في برامجها برنامج تنمية القيادات الشبابية مثال على ذلك المجلس البريطاني والمعونة الأمريكية مؤسسة فريدرش إيبرت، وخلصت الورقة الي ان موضوع المشروع الوطني مشروع جديد لم يتناوله الكتاب السودانيون باستثناء مقال الشفيع خضر المذكورة سابقا . ودعت الورقة للاهتمام بالازمة السودانية السياسية وغياب الديمقراطية والتوجه الي النظر والاهتمام بـ (الحكم والاقتصاد) اللذين يتكاملان وفي ذلك تحفيز للاقتصاد يين للمساهمة في تأسيس المشروع الوطني باهتمام خاص بالمنظمات القاعدية. المشاركون في الندوة اكدوا على ضرورة تضمين المشروع الوطني كاستراتيجية قومية للدولة مع توفير آليات داعمة ومساندة للمشروع بالتنوير وتكثيف التثقيف في كل أنحاء السودان لتعزيز مشاركة المواطنين في التحول الديمقراطي السلمي في السودان. أدارت الندوة الإعلامية اسراء زين العابدين وحضرها العديد من ممثلي منظمات المجتمع المدني والإعلاميين.

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)