الخميس. سبتمبر 19th, 2024

رحالة اوربي قبل قرنين : الخرطوم تنمو بطريقة غريبة وجامحة

 

فنجان قهوة

أبو مروان

تصوروا معي رجلا اوربيا من أسرة ارستقراطية في ستينيات القرن التاسع عشر كالرحالة المستكشف صمريل بيكر يترك لندن بكل متعها وبهارجها ويأخذ زوجته الشابة الحسناء إلى افريقيا وإلى السودان تحديدا.. السودان الذي يفر منه أبناؤه في القرن الحادي والعشرين مفضلين الموت عطشا في الصحراء أو غرقا في البحر على البقاء في وطنهم الذي كان منذ أيام الرحالة البريطاني بيكر وإلى زمان الموظف الاممي فولكر لايزال أرض (الفرص) ..
ولنترك المؤرخ الان مورهيد يتتبع خطوات الرجل في بلاد الشمس المشرقة..
كان بيكر مولعا بالصيد وقد وجد في أحراش السودان ضالته.. كما أنه كان يتطلع إلى رحلة استكشاف على مجرى النيل تفضي به إلى منابع النهر..
وكان بيكر قد تأهب للرحلة بدقة شديدة.. واستهل رحلته في السودان متتبعا روافد النيل الأزرق إلى الحدود الحبشية تعلم أثناءها اللغة العربية.. ثم يعود القهقرى للخرطوم استعدادا لرحلة بمفرده على النيل الأبيض … وقد دلل نفسه حين تزود بالأطعمة الطريفة.. وتسلح ببطارية من المدافع صنعتها له حسب مواصفاته وطلبه أكبر مصانع المدافع في لندن.. وتزود بأفضل معدات المعسكرات والادوات العلمية.. فكان نوعا جديدا من الرحالة نظرا لثرائه ولتحرره من أي ارتباط بالحكومة أو الكنيسة أو الجمعيات العلمية.. ولم يتلق تعليمات من أحد .. بل كان يسافر ارضاء لنفسه.. ومع ذلك يقول ألان مورهيد ( لم يرتاد أرض أفريقيا مرتاد يفوقه دقة.. وقد نفذ الجزء الأول من برنامجه بحذافيره.. وصل للخرطوم بعد سنة من قيامه من القاهرة وقد أتقن اللغة العربية إلى درجة طيبة واصطاد عددا كبيرا من الوحوش عند أعالي نهر عطبرة.. وكان يراسل صديقه باتريك والذي دعاه للنزول في مبنى القنصلية البريطانية الخالي بالخرطوم..
و في العام ١٨٦٠م كان قد مضى على نشأة الخرطوم أكثر من ٤٠ عاما.. فاخذت تنمو مثل زنجبار بطريقة غريبة و جامحة.. والواقع أن هاتين المدينتين قد استأثرتا فيما بينهما بالقسط الأكبر من تجارة الرقيق والعاج في شرق إفريقيا .. كانت كل قوافل الجنوب تضرب في الجنوب الشرقي إلى المحيط الهندي، وقوافل الشمال تنحدر من النيل إلى الخزطوم..
وقد كره بيكر وزوجته الخرطوم لأول وهلة حيث كتب يصفها بقوله ( لا يكاد المرء يتصور مكانا أتعس ولا أكثر إساءة للصحة منها) ولم يكن وراء النهر سوى صحراء قاحلة.. بينما كان يعيش فيها حوالي ٣٠ ألف نسمة متزاحمين..

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)