الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

عقيد الخيل.. فنان كان يأخذ راتبه من الشعب مباشرة!!! 

فنجان الصباح

احمد عبدالوهاب

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

كان فنانا ياخذ راتبه من الشعب مباشرة.. في ظاهرة سودانية فريدة تذكرك بمغنيي (التروبادور) في أوروبا..

انه فنان الربابة عقيد الخيل..

كنت أراه دوما في سوق امدرمان والسوق العربي يغني على ايقاع الرباب أغنيات من كلماته وألحانه .. وبالطبع من أدائه..

وبعد أيام من إندلاع الانتفاضة( ابريل ١٩٨٥م) وجدته وقد نظم اعتصامه الخاص أمام بوابة الاذاعة.. وقد افترش الأرض وعرض عددا كبيرا من الشهادات المبروزة صادرة عن اكثر من جهة علمية واكاديمية ليس من بينها كلية الموسيقى والمسرح.. كان الرجل حفيا بتلك الشهادات ويبدو أن من استخرجوها له لم يكونوا جادين فيما كتبوه ووثقوه .. تقول بعض تلك الشهادات أو ال(CV) ان عقيد الخيل هو ملك الرباب، وأحسن من يعزف على الطمبور.. وانه افضل فنان سوداني على الإطلاق وخاصة( محمد وردي) و( صلاح بن البادية)..

وبسؤالي له لماذا اراك معتصما في الشارع أمام الإذاعة ؟ ..

عندي تسجيل لنشيد خطير للانتفاضة، ولكن سبقني وردي وابن البادية وحرضوا مدير الإذاعة وأركان حربه فمنعوني من الدخول.. لأن هذا النشيد – والكلام لعقيد الخيل- سيخطف منهم الإعلام ويتسيد الساحة..

ولأجل ذلك قررت كعادتي أن اغني للشعب بدون وسيط ولا حجاب .. كان كعادته يلبس قميصا وبنطالا وربطة عنق أكل الدهر عليها وشرب..

ونقرش الرجل ربابته المزركشة وبطريقة إذاعية جادة ارتجل مقدمة محفوظة تقول..

(عقيد الخيل.. القبيلة بطحاني.. مركز أبودليق..

ملك الطمبور وأمير الربابة وأحسن فنان في السودان.. “قود مورننغ” خوجلي صالحين)..

ثم اعتدل في جلسته.. وكأنما ذاب مابين لحن ووتر.. أغمض عيني مثل درويش صوفي وغنى ..

( صعب.. صعب.. يا سوار الدهب)..

ومن أشهر أغنيات عقيد الخيل أغنية ( سابع دور).. وهي أهزوجة أنشأها لمحبوبة تسكن مبنى مؤلف ٧ طبقات.. في كل طابق له معها وقفات وكلمات ولوعة وشجن..

وقال إنه يشكو إلى الله تعالى من يساوي بين (ساكنة سابع دور) وأغنية ( المستحيل) لوردي..

ثم غاب في الزحام.. ولم اعثر له بعد ذلك على أثر إلا صورة وحيدة له احتلت الغلاف الداخلي لمجلة الإذاعة ..

ولكن شيخنا المبدع (حساس محمد حساس) البروفيسور محمد عبد الله الريح.. صبحه الله بالخير وهو صديق قديم للفنان عقيد الخيل كتب بعد عودته من اغتراب طويل بدول الخليج..

ان عقيدا بعد أن علم بهجره صديقه البروفيسور الريح.. لبث مدة ينشد

(ياحليلو..

ود الريح قطع البحر

بي ليلو)..

إلى ان عثروا عليه ذات صباح وقد شنق نفسه بحبل شده بإحكام إلى فرع شجرة ظليلة بنواحي ابودليق شرقي الخرطوم ..

رحم الله فنانا غريب الأطوار كان كما يقول صاحب” الوان” (يأخذ راتبه من الشعب السوداني مباشرة..)

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)