الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

كلنا شرطة …

 

( هذي رؤاي)

عيد العزيز عبد الوهاب

 

لعله من بؤس الطالع والمطالع أن تفتح عينيك فجراً فيطل عليك من ينابذ الشرطة السودانية ويصفها بأقذع الكلمات وأكثرها حموضة واستقباحا ، يؤذيها ويرميها بالداء الذي هو منغمس فيه .

كثيراً ما يمارس بعض الجهلة (جلد الآخر ) بغبن صارخ ، ناسيا ؛دون أن يكترث ؛ ما به من معايب أوجزها شطر بيت الشعر الفخيم :
نعيب زماننا والعيب فينا

فما أحوجنا في هذه اللحظة الكالحة الغبراء للأخذ بيد بعضنا لسد الثغرات وانتهاج مبدأ الحسنى تقصداً للتي هي أحسن .
تعرضت الشرطة منذ فجر الثورة لتنمر وتعدٍ مفارق لكل منطق وسوية، تولى كبره بمنهجية مقصودة وخطة مرسومة ، نفر مسلوب النباهة ناقص الرجاحة .

خطة جاءت باتساق وتنسيق لم يبرأ منه حتى جيش الوطن يهدف لزلزلة أركان الدولة السودانية ، تمهيداً لتقسيمها إلى دويلات متناحرة يسهل قضمها من دول الإستكبار الدولي بمعاونة وكلاء والغون في العمالة والإرتزاق .

والشرطة بوصفها مؤسسة مدنية بطابع عسكري معلوم العتاد تخضع لقانون عالمي وسوداني ينظم عملها سلما وحربا، ظلت تقوم بواجبها المهني رغم القصور شبه الكلي في كافة أوجه نشاطها .

قصور يعود للدولة نفسها ، سببه تنافس أولويات الصرف وتنافرها وبدائية تفكير القائمين على الأمر .

فعدد قواتها لا يزيد على أصابع اليد الواحدة لكل ألف نسمة ومؤونة الجندي النبطشي لا تصل إلى ألف جنيه لليوم الكامل بوجباته الثلاث وسلاحها محدود لا يتجاوز سقف مسؤليتها .

بيد أن القطاع الخاص و النسيج المدني العريض مارس أوسع تباعدٍ عن الشرطة التي تمثل سنده الركين وخط دفاعه الأول ، ضد التعديات والإستلابات التي تتعرض لها فئاته .

وهو من كان يؤمل فيه أن ينهض مبادرا لدعمها وتأهيل مرافقها وآلياتها وتحفيز منسوبيها معنويا وماديا ، حتى تشرف وتشرق وتتجلى في التدخل السريع لحمايته القبلية واللحظية بل والتنبؤ بما قد يقع له ويصيبه في قابل الأيام والسنوات .

دوليا ؛ فإن الشرطة خلال الحروب ؛ تلتزم بمواقعها ولا تتدخل حتى لا تكون هدفا ، وتظل حماية مؤسسات الدولة والمجتمع في ذمة الأطراف المتصارعة لا في ذمة الشرطة غير المؤهلة للأعمال الحربية الجزئية أو المتفاقمة .

وكل تعدٍ يصيب النطاق المدني القائم ويعطل الحياة يعتبر جريمة ضد الإنسان والوطن .

وهذا الموقف يبدو شائعا ومتفق عليه على مستوى العالم ، فلم نر شرطيا في حرب اوكرانيا أو في حرب أديس ضد متمردي التغراي ، لذلك لن تجد شخصا أو حزبا يسأل أو يتحدث عن : أين الشرطة ؟ حتى لا يوصم بالجهل ونقص المعرفة .

وخلال الحرب الحالية تبادل البعض الأدوار في رجم الشرطة وشيطنتها وتجريمها، كأنها كانت سببا في إندلاعها ، في حين تغاضوا عن ردع المتمرد المتربص وقد عاثت قواته وعبثت بمصالح الناس وتعدت بحقد على المصانع والمراكز التجارية والأسواق ونهبت وروعت الأهالي ونشرت جنودها في الشوارع البعيدة عن مسارح العمليات .

تحدثنا عبر هذه الصفحة عبر أكثر من مقال وفي وقت الرخاء ، ونادينا القطاع الخاص وأصحاب الرأي و الفكر لضرورة تقديم الدعم للشرطة وذكٌرناهم بالمسؤولية الإجتماعية تجاه القطاع الأمني والصحي الذي عجزت الدولة عن النهوض به .

شحٌت الأنفس وغلٌت الأيادي ولم تجُدْ بربع العشر ولا بعشر العشر ، تعطلت التزكية وتمددت التدسية حتى وقع فأس الدعم على رأس الجميع فأوجع وصدٌع وأخرج كثيرين من حال اليسر إلى عسر قد يطول مداه.

بانت عيوب الذي رموا الشرطة بعيوبهم .. لم يتراصوا وهم كثير ويسدوا الطريق على عصابات النهب المرعوبة التي كسرت وسرقت فما أبقت ، لم يمنعوها أو يباغتوها ليستردوا منها مال السرقة .

بل إن البعض بخاطر مجبورأومكسور إشترى أنبوبة الغاز الجديدة بخمسة آلاف جنيه والتلاجة الجديدة بعشرين ألف والمكيف الفريون بثلاثين ألف جنيه وهكذا وهكذا .

ستنجلي الغمة وتنكشف ولو بعد حين ، وحينها سيكون من واجب شرفاء الوطن وأصحاب العمل الكرماء الدعوة لنجدة الشرطة بالجلوس لقادتها للتعرف عن قرب على مواطن ضعفها لتقويتها وعلى مواطن قوتها لتعزيزها وخلق أروع شراكة مجتمعية معها .
وليكن شعار المرحلة القادمة

كلنا شرطة

ودمتم

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)