جهجهة ما حصلت !
( هذي رؤاي)
عبد العزيز عبد الوهاب
في مقالي السابق عن ( صف الجوازات) كتبتُ أن ولاية الجزيرة خصصت لخزينتها مبلغ 20 جنيها زيادة على الرسوم التي قررتها الحكومة لكل جواز .
نبٌهني ابني إلى أن الرقم الصحيح هو 20 ألف وليس 20 جنيها ، فقمت بتصحيح الخطأ ، لكن القضية عندي لم ترتبط بالرقم وحده ، وليس من اليوم! .
ولا أظنني وحدي من يشكو من وطأة هذه المشكلة وتداعيتها الجسيمة التي ربما تقود البعض إلى ( الفلس التام) فإذا ( دقس) أحدهم وعدٌ الألف في مقام المائة فيمكن القول عنه حينها: طيارتو قامت . خصوصا مع ( الزهايمر) الحايم اليومين ديل ، الصغير والكبير قدامو واحد .
وللمغتربين العائدين في الإجازات حكاوي وبلاوي في شأن الوقوع في هكذا دقسات ، حتى أن أحد معارفي كان يعطي الجزار أو صاحب البقالة حزمة من المال ليأخذ منها حقه ويعطيه الباقي ، وهذه البراءة المغتربة ، تتطلب ما يقابلها من الطرف المحلي وهو ما يحدث غالباً .
تغيير العملة في السودان ، أحدث خلخلة عميقة في أذهان الناس وفي بنية الإقتصاد نفسه ، فمنذ الاستقلال أصدر البنك المركزي الجنيه السوداني بديلا للجنيه الاسترليني والجنيه المصري وذلك في العام 1960م .
وفي العام 1992م تولت دولة الخلافة الراشدة( أسلمة العملة) ، دون أن تؤسلم أحوالهم ولا قفة ملاحهم ، فاستبدلت الجنيه بالدينار ، لتأكيد العودة إلى ما يسمونه( الزمن الجميل) .
ورافق ذلك الحدث المجلجل ، صدور قرار مشاتر آخر ، بأسلمة اليوم السوداني بتقديم الزمن بمقدار ( ساعة) عن التقويم الدولي والذي سمي وقتها بالبكور .
وقد أرجع البعض القرار إلى رجل ( عجوز) عاجز عن ان يكمل ( نومه) فيستيقظ مع الآذانات الأولى ، ليدخل البلاد والعباد في جهجهة استمرت سنين عددا ،ليتم إعادة الساعة إلى مجراها القديم ، بعد تراجع حالة ( الهوس) التي عمت البلاد لزمن طويل .
وفي العام 2007م وبعد اتفاق نيفاشا ، احتج الجنوبيون على الدينار الكيزاني ، لينتهي الجميع مجددا إلى ( الجنيه العلماني) الذي لم يعد مبرئا لذمة حامله . دليل ذلك أن العشرة والعشرين جنيها أصبحتا شمار في مرقة ، رغم أنهما عملتان لم يصدر قرار (بحلهما) .
لم يكسب الجنيه العافية منذ زمن بعيد ، وبين الفينة والأخرى يتفاجأ الناس بأن أحدهم قد( كشح) أمام الجنيه ثلاثة أو أربعة أصفار بغرض تقوية قوامه وتعزيز سمعته ، لكن الواقع أنتج المزيد من تعقيد المشهد والحسابات .
فبات معتادا أن يسألك تاجر عندما تقول له : أديني سكر بي ألف جنيه ، فيقول لك : بالقديم ولاٌ الجديد ؟
هناك رموز وطنية في كل دول العالم ، كالعَلمْ والعملة والنشيد الوطني ، تصبح كالمقدسات التي لا يطالها التحريف ولا التغيير ، حكم البلد كائنا من كان ، لكن في البلاد الهشة فإن أصغر ( قشٌة) يمكنها أن تقصم ظهر أي عملة أو عَلَم، كما هو حالنا .
وأمس فكرت أشتري طماطم للفطور ، لكني رجعت خاويا مبتئسا ، فسألتني أم العيال : وين الطماطم ؟ فأجبتها : لقيت الكيلو بي (تلاتة مليون) فانفجرت فجر ضاحكة وقالت : يا بابا ( تلاتة الف ما تلاتة مليون) لكن إنت الحاجة البتشوفا غالية دايما بتسعٌرا لينا بالمليون ، عشان تكون الزوغة زابطة !!
ودمتم
About Author
للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط