الأثنين. سبتمبر 16th, 2024

جهجهة ما حصلت !

( هذي رؤاي)

عبد العزيز عبد الوهاب

في مقالي السابق عن ( صف الجوازات) كتبتُ أن ولاية الجزيرة خصصت لخزينتها مبلغ 20 جنيها زيادة على الرسوم التي قررتها الحكومة لكل جواز .
نبٌهني ابني إلى أن الرقم الصحيح هو 20 ألف وليس 20 جنيها ، فقمت بتصحيح الخطأ ، لكن القضية عندي لم ترتبط بالرقم وحده ، وليس من اليوم! .

ولا أظنني وحدي من يشكو من وطأة هذه المشكلة وتداعيتها الجسيمة التي ربما تقود البعض إلى ( الفلس التام) فإذا ( دقس) أحدهم وعدٌ الألف في مقام المائة فيمكن القول عنه حينها: طيارتو قامت . خصوصا مع ( الزهايمر) الحايم اليومين ديل ، الصغير والكبير قدامو واحد .

وللمغتربين العائدين في الإجازات حكاوي وبلاوي في شأن الوقوع في هكذا دقسات ، حتى أن أحد معارفي كان يعطي الجزار أو صاحب البقالة حزمة من المال ليأخذ منها حقه ويعطيه الباقي ، وهذه البراءة المغتربة ، تتطلب ما يقابلها من الطرف المحلي وهو ما يحدث غالباً .

تغيير العملة في السودان ، أحدث خلخلة عميقة في أذهان الناس وفي بنية الإقتصاد نفسه ، فمنذ الاستقلال أصدر البنك المركزي الجنيه السوداني بديلا للجنيه الاسترليني والجنيه المصري وذلك في العام 1960م .

وفي العام 1992م تولت دولة الخلافة الراشدة( أسلمة العملة) ، دون أن تؤسلم أحوالهم ولا قفة ملاحهم ، فاستبدلت الجنيه بالدينار ، لتأكيد العودة إلى ما يسمونه( الزمن الجميل) .

ورافق ذلك الحدث المجلجل ، صدور قرار مشاتر آخر ، بأسلمة اليوم السوداني بتقديم الزمن بمقدار ( ساعة) عن التقويم الدولي والذي سمي وقتها بالبكور .

وقد أرجع البعض القرار إلى رجل ( عجوز) عاجز عن ان يكمل ( نومه) فيستيقظ مع الآذانات الأولى ، ليدخل البلاد والعباد في جهجهة استمرت سنين عددا ،ليتم إعادة الساعة إلى مجراها القديم ، بعد تراجع حالة ( الهوس) التي عمت البلاد لزمن طويل .

وفي العام 2007م وبعد اتفاق نيفاشا ، احتج الجنوبيون على الدينار الكيزاني ، لينتهي الجميع مجددا إلى ( الجنيه العلماني) الذي لم يعد مبرئا لذمة حامله . دليل ذلك أن العشرة والعشرين جنيها أصبحتا شمار في مرقة ، رغم أنهما عملتان لم يصدر قرار (بحلهما) .

لم يكسب الجنيه العافية منذ زمن بعيد ، وبين الفينة والأخرى يتفاجأ الناس بأن أحدهم قد( كشح) أمام الجنيه ثلاثة أو أربعة أصفار بغرض تقوية قوامه وتعزيز سمعته ، لكن الواقع أنتج المزيد من تعقيد المشهد والحسابات .

فبات معتادا أن يسألك تاجر عندما تقول له : أديني سكر بي ألف جنيه ، فيقول لك : بالقديم ولاٌ الجديد ؟

هناك رموز وطنية في كل دول العالم ، كالعَلمْ والعملة والنشيد الوطني ، تصبح كالمقدسات التي لا يطالها التحريف ولا التغيير ، حكم البلد كائنا من كان ، لكن في البلاد الهشة فإن أصغر ( قشٌة) يمكنها أن تقصم ظهر أي عملة أو عَلَم، كما هو حالنا .

وأمس فكرت أشتري طماطم للفطور ، لكني رجعت خاويا مبتئسا ، فسألتني أم العيال : وين الطماطم ؟ فأجبتها : لقيت الكيلو بي (تلاتة مليون) فانفجرت فجر ضاحكة وقالت : يا بابا ( تلاتة الف ما تلاتة مليون) لكن إنت الحاجة البتشوفا غالية دايما بتسعٌرا لينا بالمليون ، عشان تكون الزوغة زابطة !!

           ودمتم

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)