الأحد. نوفمبر 24th, 2024

المثقفون الجنجويد النظرات والعبر وشوبنهاور


الدكتور فضل الله أحمد عبدالله

أي نقاش مع أمثال هؤلاء المثقفين السودانيين ؟ من أين نبدأ الكلام ومتى ننهيه ؟

” المثقفون ” وأعني تحديدا تلك الفئة المشتغلة بالإنتاج الذهني والإبداعي – ونخص كلامنا مشيرين إلى تناقضات بعض الذين إنجرفوا بإتجاه لعاع الدنيا ، من لوامع ذهب ” آل حمدان دقلوا ” وخشخشات ورق الدراهم المجلوب من وراء الحدود على قوادم سنابك خيول الجنجويد .

مثقفون ، نشئنا بتأثيرات منجزاتهم الكتابية الإبداعية ، وهم يبحثون عن قيم الحق بلغة الفنون ، قرأناهم منظرين ونقادا للسرديات الأدبية ، قرأناهم في الفلسفة الجمالية والشعر ووسائل الإعلام والترجمة ، فلاسفة ومؤرخين وأساتذة جامعات ، شعراء مناصرين لحقوق الحيوان ، كتبوا ملاحم بكائية ينسوا حتى ” القرنتية ” وحقها في العيش محاذية شواطئ مقرن النيلين . نجوم في المسرح والتلفزيون ، حملناهم على أهداب العيون تعظيما لهم وإعجابا بما يطرحون من أفكار تنشد رفاه أهل السودان .

بيد أننا نعيش لحظة سقوطهم في ” ميدان التطبيق العملي ” إذ قلبوا معاني الإنتماء الوطني رأسا على عقب ، على قرار ما فعله بعض السابلة من عوام الناس ، الذين رأيناهم مع المتمردين القدم مع القدم والكتف مع الكتف أعوان خلصاء ومرشدين أوفياء لعربان والمرتزقة في عمليات نهب البنوك والأسواق ، وإحتلال بيوت المواطنين ، وقلع السيارات من أصحابها ، واختطاف الأحرار من أبناء السودان .

أولئك الجماليون ، وفلاسفة أنسنة السياسية والحكم ، صفقوا للجنجويد في إغتصابهم للحرائر ، وممارسة الإستعباد الجنسي بأسم ، إزالة دولة ” 56 ” و ” الجلابة ” وكنس الإسلاميين .

عم يمكن الكلام ، وصفا للحالة ، غير أن يستحضر المرء مقولات الشاعر السوداني صلاح أحمد إبراهيم مثال المثقف المنتبه لأصالته ومعنى وجوده فكتب في أكتوبر 1968م مقالا في مجلة الخرطوم تحت عنوان : ” المثقف السوداني في المصطرع الثقافي .

وذلك المقال يتقافز كقفزات الأرنب أمامي لوصف الحال قائلا :

” المثقفون في السودان ” لحم رأس ” وهم يمثلون الفوضى الفكرية التي في رأس السودان ، قنوعون ، سريعوا التأثر بالفكرة القادمة من خارج البلاد ..
جامعة الخرطوم تمثل إزدواج الشخصية في المثقف السوداني ، فهي دمغة من الدمن الإستعمارية البواقي …
قلعة من قلاع الثقافة البريطانية والثقافة البريطانية لا تحتمل ضرة ” ..

وأضاف قائلا :

تقول لي : مثقفوا الخرطوم كالصحراء لا تنبت فيها بذرة ،
أخطأت في التشبيه ، للصحراء في ماضي الزمان شاعرا ذا قلم وقدرة ،
لكنه استكان للخمول ، للذبول وأذبل شعره ، فرط في خياله ، وما الخيال للصحراء إلا الخضرة .
مثقفوا الخرطوم ، قهوة ، ونومة ، وسهرة وسكرة .

أوفى صلاح أحمد إبراهيم القول في سفر تاريخ الإنتاج الكتابي الإبداعي السوداني ..

واليوم جاءوا يجهدون أنفسهم متفلسفين ليقنعوننا بأن عربان الشتات ، هم أئمة المدنية الجدد ، ورسل الديمقراطية ، المناضلين من أجل السلام والحرية والعدالة .

يحتاج أولئك – بالطبع – إلى جهد خارق لإقناعنا أن كل ما قرأناه قديما في كتب الفلسفة والمنطق ، والفنون ، هي كلها كانت على خطأ . وأن آل حمدان دقلو هم أهل الحقيقة والحق .

هنا أيضا أستدعي قول الكاتب الدرامي ” أسامة أنور عكاشة ” صاحب المنجز الإبداعي التلفزيوني مسلسل ” رحلة السيد أبو العلا البشري ” الذي إنتج عام 1985م … قال جريا على لسان ” محمود مرسي ” بطل المسلسل في دور شخصية ” أبو العلا البشري ” صائحا في وجه نقيضه ” تهامي ” في صراعهما القيمي – ممسكا بيده الكتب – قائلا :

” لو كانت الكتب دي غلط ، قول لي وأنا أحرقهم !
الكتب دي كلها غلط ؟

* مقدمة أبن خلدون وكلامه عن العمران البشري ، غلط ؟!
قول لي يا تهامي ، وأنا أحرقهم !

* يوتوبيا توماس مور ، حلمه بأرض الفضيلة والكمال ..
لو كانت غلط قول لي ، وأنا أحرق الكتب دي كلها !

* النظرات والعبرات ، وحي القلم .. الجمهورية والسياسة ، الدفاع عن سقراط ، الأخلاق ، المنطق .

* كل المفكرين دول غلط ؟!
العقاد .
طه حسين .
شوبنهاور .
ڨولتير .
تولستوي .
تشيخوف .
ديكارت .
كافكا .
دوستويڨسكي !

* لو كل المفكرين دول غلط ؟
قول لي وأنا أحرقهم ! ”

أي مثقف ذلك الذي يسقط من الدفاع عن سقراط إلي الدفاع عن آل دقلو .

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)