زيارة مدير المخابرات التركية: قراءة بين الأجندة
د.ابراهيم الصديق علي
(1)
هذه قراءة حول زيارة رئيس الاستخبارات التركية للسودان ، (16 يناير 2023م) ، من خلال:
– لقاءاته
– ما رشح من اخبار البيئة السياسية
– مسار الزيارة..
فقد ألتقي رئيس مجلس السيادة ونائبه ، بحضور مدير المخابرات السودانية الفريق أول أحمد ابراهيم مفضل ، ودون اي مشاركة لوزارة الخارجية..
-مع إستصحاب تطورات الراهن السياسي في ليبيا ، وللسودان دور مهم في الهجرة غير الشرعية ، وفي دعم ملموس تلقته أطراف الصراع في ليبيا ، كما انه حرص اللقاء بالبرهان مثلما ألتقي حميدتي وهو الطرف المؤثر في الاقليم وفي هذه القضايا..
– ونقطة أخري ، الحديث عما جري في المؤاني السودانية ، وإنشاء ميناء جديد شمال بورتسودان ، وكانت تركيا تأمل ان تكون ذات سهم في قضية الميناء الجنوبي ببورتسودان ، بالإضافة لحضورها الثقافي في سواكن ، وهذا ملف مهم بتفاصيله..
– نقطة ثالثة ، التقاطعات الدولية ، ومع تمدد الدور الأمريكي وحلفاءه وإنفرادهم بالتأثير والقرار السياسي مستساغا لبعض الدوائر ، ومن بينها أطراف عربية وآسيوية واسلامية ، ولئن ركزت روسيا علي حرب أوكرانيا ، فإن البعد الاستراتيجي للسودان لن يكون غائبا عنها ، وزيارة مدير المخابرات التركية جزء من تفتيت وإختراقات هذه المخططات..
(2)
ما هي خفايا الزيارة وبواعثها ، هل هي تخوفات امنية أم ذات بعد سياسي بالدرجة الاولي..؟ لقد تضمنت تصريحات الطرفين عموميات ونقطة واحدة يمكن الاخذ بها (إن تركيا تدعم الإتفاق الإطاري)، وهذه إشارة للبعد السياسي للزيارة ، مقرؤة مع ثقل الشخصية وفاعليتها..
لقد سحب هاكان فيدان اورنيك للترشح للبرلمان التركي عام 2015م ، واستقال من رئاسة الاستخبارات ، قبل أن يتم إقناعه بالمواصلة في مهامه ، فهو سياسي بالدرجة الاولي ، كما أنه حاصل علي الاجازة في العلوم السياسية من جامعة ميريلاند الأمريكية..
وخلال زيارته إلي ليبيا التقي هاكان رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة بحضور وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش وكذلك التقي خالد المشرى رئيس المجلس الاعلي للدولة ، ولم يظهر حسين العائب رئيس المخابرات الليلة إلا في لقاء محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي ، فهذه لقاءات ذات طابع سياسي..
وهذه ثاني زيارة خلال أشهر لليبيا ، ففي اكتوبر 2022م ، قاد وفدا وزاريا ووقع اتفاقية تنقيب في المياه الاقليمية الليبية ، هي محل نقاش الآن بين الأطراف الليبية..
(3)
وهنا لابد من إثارة أكثر من تساؤل:
هل تخشي تركيا أو محاور دولية من تشكيل واقع سياسي في السودان يكون شبيها لما جرى في ليبيا ؟هل تخشي صناعة نسخة جديدة من حفتر؟ أم تخشى تشكيل أكثر من حكومة في السودان وحدوث تجربة تدخل الأمم المتحدة في ليبيا وأنتهى بحكومتين وجيشين ؟..
– ولا نغفل متغيرات المنطقة ، وتحديدا ما جرى في تشاد وافريقيا الوسطي ، وبحسابات المصالح ، فإن الصراع الدولي والتنافس محصور في منطقة البحيرات (مخزون الماس) ، وليس هناك تأثير ملموس للسودان علي الصراع في هذه المنطقة سوي مساهمته في مجموعة البحيرات ، كما أن السودان ليس طرفاً مؤثرا فيها (رواندا ، بورندي ، الكنغو ، يوغندا وتنزانيا)..
وعليه فإن الزيارة التركية ذات علاقة بالداخل السوداني ، ويبدو إنها إستجلاء مواقف و بعث رسائل وتأكيد وقائع وفق قاعدتين:
– تجربة طويلة ومعقدة في علاقة الجيش بالسلطة في تركيا وصراع امتد منذ العام 1924م وأنتهي بمشروع سياسي ودستور ضامن وضابط..
– معلومات إستخباراتية عن مخططات تفتيت جارية ، وللمخابرات التركية مصادر واسعة الإطلاع وسبق لها توفير معلومات وإتصالات للجانب السوداني..
About Author
للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط