الخميس. سبتمبر 19th, 2024

زمان انيق بين شدو وسبدرات وعتيق!!

 

فنجان الصباح..
احمد عبدالوهاب

بقامته المربوعة، وزيه الاخضر المليح، ووجهه الصبيح، وبنياشينه اللامعة، ورتبته الباذخة وبوقفته الشامخة.. لبى فخامته طلب المحكمة وأدى التحية العسكرية.. وأدلى بشهادته في محكمة ( بهاء الدين) .. وسط دهشة واعجاب العالم كله.. وكتب الاستاذ الكبير خالد محمد خالد يومها في زاويته الشهيرة ( لله والحرية) بجريدة (الوفد) القاهرية يوثق للحظة التاريخية ويقول( يالفخر الذهب بهذا السوار)..
كان ذلك الرجل هو المشير عبد الرحمن سوار الذهب رئيس المجلس العسكري الانتقالي ( ١٩٨٥م- ١٩٨٦م)
ونهض البلدوزر القانوني الاستاذ عبد العزيز شدو المحامي الضخم ورئيس هيئة الدفاع عن المتهمين.. وارتجل كلمة ضافية بلغة صافية جاء فيها ( إنه ليس ادل على عدالة وديمقراطية هذا العهد من ان يقف رئيس الجمهورية بنفسه للادلاء بشهادته).. وختم حديثه متوجها إلى المنصة سيدي رئيس المحكمة .. ( لا أسئلة)!!
منتهى التواضع من رئيس الدولة.
ومنتهى الذوق من المحامي الكبير..
ثم حيا سعادة المشير المحكمة وانصرف..
وإذا كان صاحب (ألوان والمساء وامدرمان) الأستاذ حسين خوجلي قد وصف الستينات بأنها سيدة سنوات القرن العشرين فإن السبعينات والثمانينات هي فاكهة القرن كله..
كان لكل شئ فيها لون ورائحة ومذاق.. المدن والأسواق والاشواق والاغاني والاماني والاعياد واناشيد مايو وملاحم اكتوبر.. وكذا كانت الفنادق وشارع الجمهورية وشواءات نمرة ٢ وسمك الموردة، وجرائد الصباح وفول احمد سعد والمخابز وصحاري واتنيه.. وحلويات يوسف الفكي وقهوة شديد.. وفاكهة سوق الخضار وميدان الامم ..
وكانت برامج الإذاعة طازجة وطاعمة من برامج الصباح تقدمها سيدة الاذاعة والشاشة والبشاشة السودانية (ليلي المغربي).. وكان محمد سليمان يقدم (جراب الحاوي) فتتوقف حركة المرور،، وكان علي الحسن مالك يقدم وصفا حيا لمباريات القمة فيحبس المريخاب والهلالاب انفاسهم ، وكان التلفزيون سيد الامسيات والسهرات بلا منازع.. الطيب محمد الطيب والبصيري والعميري والنميري ايضا وادمون منير.. وكان الصباغ يقول اشتهي نشرة يقرأها (احمد قباني) وبكون مصابا ليلتها ب (شوية نزلة) وكان حمدي بدر الدين يقود فيلقا من الفرسان للميدان.. فراج الطيب والبروفسور علي المك والاستاذ الحسين الحسن والفريق ابراهيم أحمد عبد الكريم والاستاذة منى..
وكان الاستاذ شدو مع فريقه القانوني برفقة الاستاذ سبدرات نجوم القضاء الواقف.. وكان الاستاذ محمود ابو العزايم يقول (لو أن كل الناس صاروا سيارات فإن “شدو” لوحده قاطرة ديزل)..
وكان شاعر الحقيبة المبدع المعتق ممزقا بين جيل الاربعينات وجيل الثمانين وبين ( هل تدري يا نعسان) وبين ( اذكريني ياحمامة) ومنى وفاتن حمامة..
وكان وهو في الهزيع الاخير من عمره يبحث عبثا عن التماسة عزاء بين الشعراء والادباء وغادته الحسناء..
“الحب يا (مناي) في قلبي جذرو ومدو
علق قلبي فوق وهواي جاوز حدو
قاضي الغرام امر بحبسو وسدو
ماقابل التماس من (سبدرات) أو شدو..”
ومن قبله كان احدهم يشكو لقاضي الغرام من دون ان يطلب عونا قانونيا من شدو او سبدرات..
لي في الحب مسائل يا قاضي الغرام
كيف يحل سقامي وطبي يكون حرام .،
سقى الله ذياك الزمان
ورحم الله المحبينا

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)