الأحد. سبتمبر 8th, 2024

وادي الهواد العظيم

فنجان الصباح..
احمد عبدالوهاب

لما اشتهى (المك نمر) ناقة بشارية أصيلة وصفوها له بساحل البحر الاحمر جعل لمن أتاه بها المساحة التي تمناها في بطن وادي الهواد الخصيب..
انه واد اشتهاه ملوك وامراء في القديم والحديث..
هذه الدلتا المباركة ساهمت بدور كبير في قيام ونهضة المملكة المروية.. كانت هي منطقة الانتاج التي تضمن الامن الغذائي لممالك العهد المروي.. مثلما كانت هي (مطمورة) تلك العهود الزواهر.. وصومعة السودان النيلي من النهر إلى البحر..
ان وادي الهواد في الزمان الغابر كان يعني للسودان مايعنيه الهلال الخصيب لبلاده.. ومايعنيه ريف مصر وسواد العراق لاهله..
ولعلها سانحة لنورد ( بتصرف) جزءا يسيرا من مقالة حسناء كتبها العلامة البروفسور جعفر ميرغني ونقلتها مجلة (مذاق خاص) الغراء للدلالة على الرخاء الذي كانت تعيشه مملكة مروي منذ القرن السادس قبل الميلاد..
“روي المؤرخ اليوناني (هيردوت) أبو التاريخ منذ القرن الخامس (ق م) ان ملك الفرس على مصر بعث جواسيسه إلى مروي ليأتوه بأخبار السودان خاصة حقيقة ما يسمى ب ( مائدة الشمس) في تلك المدينة.. فجاءته تقاريرهم تقول إنها ( ساحة بظاهر البلدة يملؤها ( الفقهاء) بأطباق من صنوف الطعام واللحم المسلوق.. فيأكل منها (الغاشي والماشي) دون حساب “….!!!
وقد اختلف العلماء في معنى كلمة (الهواد) فقد ردها بعضهم إلى اصل عربي بمعنى (الهوادة) أي الزيادة في الحصاد كما وكيفا..
ويورد الدكتور معتصم حسن فرح الخبير المتخصص في وادي الهواد إذ أنه نال درجتي الماجستير والدكتوراة عن دراسة واطروحة عن ( التنمية المستدامة لمنطقة وادي الهواد) وله تفسيره المختلف لمعنى الهواد.. فمن خلال تنقيبه وبحثه عن أصل الكلمة وجد أن كلمتي ( الهواد) و(العوتيب) ( واظنه يعني العوليب) هما اسمين لوزيرين من وزراء مملكة( كوش) ..
وهذا غير بعيد عما قال به الأستاذ الطيب محمد الطيب من أن (جبل قيلى) بالبطانة يحمل إسم أحد ملوك ( العنج)..
وكان العلامة البروفيسور عبد الله الطيب قد نسب إلى أحد العارفين قوله إن (وادي الهواد هو الوادي الذي هرب واختفى فيه فصيل ناقة سيدنا صالح عليه السلام) .. ويعزز العلامة كلامه بما يروى عن السيد الحسن الميرغني الكبير إنه قال ( شندي جزء من أرض الله)..
يمتد هذا الوادي العملاق من تخوم القضارف شرقا وحتى كبوشية على النيل غربا بمساحة تزيد عن (٢ مليون و٤٠٠ الف فدان.) . يضم أكثر من (٣٥٠) عمودية ومشيخة ونظارة تمثل ملاك الأرض التاريخيين من شتى القبائل والبطون والعشائر..
كان أهله ينتظرون بفارغ الصبر مقدم الخريف.. ويعرفون هطول الأمطار عليه بعدة علامات.. منها الجهة يلمع منها البرق.. وفيضان وادي العوليب..
ومجئ سحاب (العفرت)..
وكانت العجائز ينشدن له فيما يشبه الابتهال..
ألله إن أراد نرد (الهواد)
ألله إن قبل نرد (ام شقل)
كان ذلك في زمان قد تقادم..
أما حديثا فقد جاء ذكره في قصيدة للمرحوم الدكتور حسن عباس صبحي كتبها في لندن أيام العدوان الثلاثي على مصر :
“إنا هنا نشتاق للرعاة للأغنام..
ولانطلاقة الأرنب البري
في الهواد عاشق التلال..”
ومثلما بدأنا قصة الهواد بملوك الفرس، ننهي المقالة بحكاية لأحدهم .. ونوردها لفائدة ولاة أمرنا الأشاوس لو كانوا يقرأون أو كانوا يفهمون مايقرأون..
ومن ذلك أن كسرى ملك فارس لقي عجوزا فسأله عدة أسئلة احتارت فيها حاشيته وفهمها العجوز (طايرة) وأجاب عنها بشكل مذهل، ومنها
أين الجماعة؟
فقال: تفرقوا.
وأين الاثنين؟
قال :صاروا ثلاثة
واخيرا قال له (لاتبع رخيصا) ..
فقال العجوز؛
لا توصي حريصا..!!!

About Author

 للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط

صحيفة السياسي (1)

صحيفة السياسي (2)

صحيفة السياسي (3)

صحيفة السياسي (4)

صحيفة السياسي (5)