لا تبكي يا وطني الحبيب..
حامد النصيح
الآن إخوة “الرحم” المتشاكسون (حكومة ومعارضة وجيش واحزاب) الذين يقطنون في بيت واحد (الوطن)، وها قد شبت النار فيه، وأمست تلتهم أطرافه، وقد اودعنا في هذا البيت اعز ما نملك.. ذوينا والأهل، فماذا نحن الآن فاعلون.
المنطق يقول ضعوا كل المرارات جانباً ، وليهب الاخوة جميعهم لإطفاء هذا الحريق وإنقاذ البيت بساكنيه، فإذ لابد و(يجب ويلزم) أن يتحد الجميع ويتخذوا زمام المبادرة لإنقاذ الوطن، الوطن يستصرخ أبناءه أن أنقذوني ، الموقف التاريخي والأخلاقي والإنساني ينادي الجميع ان هلموا لانتشال الوطن وحمايته مما يتهدده من فقد وضياع، نعلم ان العمل وفق هذا المنعطف صعب ولكنه ليس مستحيل اذا خلصت النوايا وشحذت الهمم وقويت الإرادة وتواضع ابناءه على ان يكونوا على قلب رجل واحد لإنقاذ الوطن، لا شيء سيستعصى عليهم وهم ذوي ذاك التاريخ المجيد والارث التليد.
عليه يجب ان يسجل كل مواطن بمختلف انتمائه ومشاربه وموقعه، موقف للتاريخ حتى لا نفقد وطن جميل لم نحميه كالرجال من الضياع لنكبيه فيما بعد كالنساء، هذه المقولة قيلت في ضياع الاندلس (وفال الله ولا فالنا).
عليه يجب (بعد ان تنجلي هذه الاحداث واستقرار الاوضاع) ان يحدث التالي :
أولاً: المناداة بمصالحة وطنية شاملة بأن يجلس كل أبناء الوطن تحت مظلتها بكل اخلاص وتجرد يحدوهم الأمل في انقاذ الوطن وحفظه من الضياع، وعدم تكرار مثل هذه الاحداث التي كادت ان تعصف به ويذهب إيدي سبأ، وان يحشد لهذه المصالحة ويهيأ لها إعلامية كما يجب على النخب في مختلف المجالات ان يلتقطوا القفاذ ويمسكوا بتلابيت هذه المبادرة ويقتلوها تمحيصاً ويضعوا لها الأطر والبرامج تسري في وجدان الشعب بمختلف طبقاته، حتى يجمع كل عليها ويلتفوا حولها فالدول التي طرحت المصالحة والوطنية وانزلتها لارض الواقع قد فازت وظفرت بالاستقرار كيف لا وهي تنادي بأن الوطن فوق الجميع ويشمل الجميع بكل عادلة ومساواة في الحقوق والواجبات ونبذ العنصرية والجهوية واخماد ألسنة الفساد من رشوة ومحسوبية، ونبذ حب الذات وإعلاء قيم الوطنية وازكاء روح التكاتف والتكافل والعمل الجماعي.
ثانياً: بناء أحزاب سياسية على قيم فاضلة قوامها الولاء لله ثم الوطن، ونبذ السعي لادراك مصالح آنية، لا تفيد الوطن والمواطن في شيء، على كل الأحزاب والنخب السياسية خلع اثواب المنافع الضيقة، والسعي بخلاص وإرادة لاستحداث برامج انتخابية هدفها مصلحة الوطن والمواطن وعدم الارتكاز والمزايدة على ايدلوجيات قد تعصف بالوطن والمواطن او هي ليست من صميم وجدان الشعب، يجب ان لا يبنى عليها احد او يعول عليها في أي حملته الانتخابية، حيث ان العاطفة في البرامج الانتخابية تؤدي الى نتائج وخيمة والتاريخ يشهد بذلك، دعوا الأمور تحدث عن نفسها وما ينبع من الوطن صالح الضيقة.. وسياسي واعلامي هذا بالضبط ما يحدث الآن، وقد انبرت قوات الشعب المسلحة واخذت زمام المبادرة لإنقاذ هذا البيت بساكنيه، فعلى جميع الاخوة ان يهبوا جميعاً لإنقاذ البيت الذي يأويهم واسرهم من الضياع واخماد الحريق الذي شب فيه، وان لم يفعلوا فقد يذهب البيت ادراج الرياح ويصبح اثراً بعد عين، وحينئذ لا ساعة مندم.
لنضع كل خلافاتنا جانباً ولنؤجل كل صراعاتنا وان لا نهدر طاقاتنا في الخصومات التي كادت تؤدي بالوطن والمواطن وتورده موارد الهلاك، لنوفر كل طاقات الخصومة والملامة والتساكس لنوجه تلك الطاقة لاخماد هذا الحريق الذي اشتعل وتزد من آواره التدخلات الخارجية التي لها اجندة ومصالح في اضعاف الوطن وتشتيت طاقاته ليكون لقمة سائغة يسهل ابتلاعه، ولنأخذ الدروس والعبر من مجريات هذه الاحداث الجسام التي ألمت بالوطن ونخرج منها ـ بإذن الله ـ اشد قوة ومضاء وإرادة لنوظفها في صالح الوطن وبناءه..
ثالثاً: العمل على إعادة الاعمار وبناء ما تهدم وخاصة بناء الانسان السوداني على مبادئ الاخوة والمساواة والواجبات، كما يجب العمل بقوة على تعويض وجبر ضرر اهل الشهداء والجرى والذين فقدوا أموالهم وبيوتهم حتى لا تكون هنالك ضغائن وإحن، نريد نحن كسودانيين أن نكون على قلب رجل واحد، وتحقيق شعارات الثورة حرية سلام وعدالة..
رابعاً: بناء جيش واحد قوي، يسهم في تحقيق تطلعات الشعب وبناء الوطن، وان نبعده على أي ايدلوجية ليكون جيش قومي نرى فيه كل ملامح الوطن الجميل الذي نحلم به، وان نوظف له كل الإمكانيات التي تساعده في انجاز مهامه الوطنية باحترافية ومهنية تامة غير منقوصة.
خامساً: ان تضع كل وزارة برامج تبشر وتحشد للمصالحة الوطنية وبناء الانسان السوداني على أسس العدل والمساواة والكرامة والسلام، والاهتمام الأكبر بفئات المجتمع الضعيفة النشء والطلاب / المرأة/ كبار والطبقات من محدودي الدخل، والاهتمام بالمجالات التي للسودان فيها قيمة مضافة ونوعية مثل الرعي والزراعة، وبناء وتصميم الخطط والبرامج على هذا الأساس المستقبلي برؤية واضحة، كذلك تصميم برامج عمل للوزارات السيادية نرى فيها انفسنا مثل وزارة الخارجية والمالية والدفاع والداخلية، هذا لا يعني تجاهل الوزارات ودوائر الدولة الأخرى بل كل مرفق في البلد يقع عليه عبء معين يصب لصالح بناء الوطن، مع انشاء برلمان جامع يمثل كل أطياف المجتمع ويعبر عن سودان المستقبل وحتى يؤدي هذا البرلمان دوره على اكمل وجه، يجب ان ينشأ وفق دوائر انتخابية مع تعيين يمثل فئات المجتمع التي لا قد تتمكن من الحضور بواسطة الدوائر الانتخابية مثل المرأة والشباب والطلاب والجهات الأمنية والمزارعين والرعاة واسر الشهداء حتى نحصل على برلمان جامع، على ان تنحصر أولويات هذا البرلمان الطارئ في وضع دستور دائم للبلاد عبر لجان برلمانية متخصصة تستأنس بأراء الجميع حتى يجئ الدستور دستور جامع متوافق عليه من كل أطياف المجتمع السوداني، بجانب دوره الرقابي والتشريعي للحكومة (رئيس الوزراء وكل الوزارات)، والعمل على تشريع القوانين التي تشيع الحريات وتحافظ عليها، والرقابة على الدوائر العدلية والقانونية واجازة التعيين لها، وغيره من المهام التي تؤدي الى المحافظة على نماء وازدهار الوطن.
سادساً: يجب ان يدلي كل بدلوه ليكون هذا برنامج جامع للمرحلة القادمة بإذن الله، وليجلس الجميع بتواضع على بساط الوطن ليتفاكروا ويخرجوا برأي جامع وهو برنامج لمستقبل السودان بكل حيثياته العلمية والعملية والاجتماعية والأخلاقية ومبادرة تشترك فيها كل أطياف المجتمع بكل جهاته ومناطقه الجغرافية والاجتماعية لا يتخلف منه احد، وليأخذ الاعلام والنخب مبادرة (المصالحة الوطنية) ليتنميتها وزيادها ورفدها بالإقتراحات والأفكار النيرة والدعم وبكل ما يعلي من شأنه ويضعها موضع التطبيق، حتى ينعم الجميع بوطن قوامه الحرية والعدالة والمساواة والسلام.
أتمنى من الله ان يحفظ الوطن الجميل وأهله الجميلين الذين حقيقة يستأهلون كل خير وتوفيق وما هذه الشدائد الا أدوات لشحذ الهمم وإضاح الطريق حتى نسير مستقبلاً على هدى وبصيرة من الله وما التوفيق إلا من عنده تعالى.
About Author
للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط