وسط الخرطوم: أطفال على حواجز «الدعم السريع»… وجثث ونهب وحرق
الخرطوم ـ «القدس العربي»:
تجدد القتال في مدينة نيالا في ولاية جنوب دارفور السودانية بين الجيش و«الدعم السريع» مما تسبب في وقوع العديد من الضحايا وسط المدنيين، فيما استمرت الغارات الجوية والقصف العشوائي في العاصمة الخرطوم، كما تواصلت عمليات النهب والتخريب في عدد من الأسواق والمؤسسات الحكومية.
وكشفت نقابة الأطباء السودانيين عن مقتل 18 شخصا مدنيا، وإصابة آخرين في مدنية نيالا. وأشارت إلى وقوع خسائر إضافية لم تحسب بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى المرافق الصحية بسبب الصراع والصعوبات المستمرة في تسجيل وتعقب الضحايا وسط القصف وإطلاق النار والذعر الهائل في جميع أنحاء المدينة.
«كابوس مروع»
وأكدت أن الحرب «كابوس مروع فرض عليهم فرضاً عسكرياً لم يحترم ولم يراع حرمة وسلامة المدنيين العزل وكلفت الكثير من الأرواح الثمينة، وما زالت تفعل ذلك أما بالرصاص المباشر أو بتدهور كارثي للخدمات الصحية وغيرها من ضروريات الحياة».
أما في الخرطوم، فقد تواصلت الغارات الجوية التابعة للجيش وقذائف المدفعية على ارتكازات «الدعم السريع» خاصة في منطقتي الحاج يوسف شرق النيل، وحي جبرة جنوبي الخرطوم، كما شهدت بعض المناطق اشتباكات متقطعة.
وإلى ذلك، استمرت عمليات النزوح من أحياء وسط الخرطوم والمناطق التي لا تزال تشهد اشتباكات مسلحة بين طرفي النزاع في السودان بالإضافة تردي الخدمات الأساسية مثل انقطاع التيارين المائي والكهربائي.
في جولة قامت بها «القدس العربي» داخل حي الديوم الشرقية، وسط العاصمة، تبين نزوح غالبية السكان ولم يتبق سوى أسر بسيطة التقينا ببعضها، وكانت علامات الفزع والحيرة بادية على وجوه أفرادها، إذ قالوا إن الأهالي غادروا المنطقة بسبب انقطاع الكهرباء منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل/نيسان الماضي، وانتشار الدعم السريع بين المنازل عقب معارك الأسبوع الماضي حول رئاسة هيئة الدفاع الجوي، الواقع في الناحية الجنوبية الشرقية للحي.
نقاط تفتيش
يشار إلى أن قوات «الدعم السريع» تمركزت أمام منازل المواطنين، خاصة المطلة على شارع «الصحافة زلط» مع وجود نقاط تفتيش محدودة تقوم خلالها القوات بتوقيف المارة والاطلاع على أوراقهم الثبوتية وما تحوي هواتفهم النقالة من فيديوهات وصور ورسائل.
ويلاحظ أن هناك حالة إنهاك شديد أصابت قوات «الدعم السريع» بعد احتدام المعارك طيلة الأسابيع الماضية، كما بدا لافتاً أن هناك أعداد مقدرة من الأطفال تم تجنيدهم ضمن هذه القوات، وأن بعضهم مسؤولون من عمليات المراقبة في عدد من نقاط التفتيش.
عصابات تحمل السكاكين… ومتاريس للحماية من السارقين… الدمار طال المحاكم
أما من الناحية الغربية لحي الديوم الشرقية، فيوجد سوقا الجمعة والشعبي، اللذان تعرضا للنهب والحريق بالكامل، وأثناء الجولة وجدنا جثتين على الأرض شمال سوق الجمعة، تعودان لشخصين في منتصف العمر، وقام أهالي الحي بتكفينهما ودفنهما في مكان قريب.
خسائر كبيرة
يذكر أن أعمال النهب والحرق طالت كافة المحالات التجارية في السوقين المجاورين، لدرجة أنه لم يسلم أي موقع، حتى البنوك هناك تعرضت للسرقة والإتلاف.
أسامة محمود، صاحب محل تجاري قال: «الخسائر كبيرة لم يعد السوق صالحا للعمل، لدي محل لتصنيع الأحذية المنزلية، وجدته منهوبا بالكامل، اللصوص لم يدركوا قيمة الماكينات لذلك قاموا بإلقائها على الطرقات وتركوا بعضها في داخل المحل، وهو أمر خفف علي حجم الصدمة». وأضاف: «ما يحدث في السوق تخريب ممنهج».
في الموازاة، لا تزال العصابات منتشرة في السوق الشعبي وسوق الجمعة، وهي تتحرك في مجموعات تضم كل الفئات العمرية «أطفال، نساء، شباب شيوخ» ويحملون العصي والسكاكين ويقومون بجولة ثانية لنهب ما تبقى من بضائع وسلع.
ويبدو أن ما حدث في تلك الأسواق وأيضا دخول الدعم السريع وتمركزه وسط المنازل، دفع بعض الأهالي في أحياء مجاورة مثل العشرة، والنزهة إلى تتريس الطرقات والشوارع الرئيسية والفرعية، بوضع الحواجز الإسمنتية والتراتبية والأثاث القديم والمتهالك، لمنع وصول تلك العصابات.
ووفقا للمتابعات، نجحت تلك المتاريس في الحفاظ على سوق العشرة وحمايته من النهب، مما جعله سوقا رئيسيا للسلع الغذائية في منطقة جنوب الخرطوم.
وراج في الأيام الماضية في عدد من أحياء العاصمة، تطبيق فكرة المتاريس على الطرقات، رغم تحفظات «لجان المقاومة» عليها، وتحذير الأهالي منها باعتبار أنها قد تعني لقوات الدعم السريع اصطفاف سكان الحي وانحيازهم للجيش، مما يعرض حياتهم للخطر.
وفي الموازاة، نددت مجموعة «محامو الطوارئ» بالدمار الذي أصاب المحاكم وبعض المنشآت العدلية والقضائية التابعة لها جراء الحرب الدائرة في الخرطوم وبعض الولايات، محذرة من أن ذلك يعني ضياع حقوق المتقاضين وينذر بخطورة انهيار النظام العدلي والقضائي.
وأوضحت إن رئاسة السلطة القضائية، ومكتب أراضي الخرطوم شمال ومحكمة جنايات الخرطوم شمال، والمحكمة الجزئية الخرطوم، تعرضت للقصف، بينما تم نهب كل من قسم شرطة الأزهري ومحكمة جنايات أمبدة ورئاسة الجهاز القضائي غرب دارفور، ومجمع محاكم دار السلام الذي تعرض للحرق أيضا بعد النهب. وأبانوا كذلك تدمير مجمع محاكم غرب السوق الشعبي في أمدرمان ومجمع تسجيلات أراضي دار السلام وإتلاف الملفات فيها.
وبينت أن «استهدف هذه المؤسسات هو نهج منظم لتضييع حقوق المواطنين وطمس وتغيير البيانات ما قد يؤخر تطبيق العدالة مستقبلاً». ودعا البيان، طرفي النزاع المسلحة لعدم المساس بالمؤسسات العدلية والقضائية وصون وحماية هذه المنشآت.
وفي السياق، أعلنت القيادة العامة للجيش السوداني، عن تطبيق يعمل بالهواتف الذكية للتبليغ عن هجمات وجرائم وتعديات الدعم السريع، وتوثيق أحداث ومشاهد الدمار والتخريب وجرائم الحرب التي يرتكبها الدعم السريع.
ونوه إلى أن التطبيق يستخدم لنشر الإعلانات والتنويهات للمواطنين الخاصة بالوضع الأمني في ولاية الخرطوم، وفيه شرح لماهية البلاغات وأنواعها.
About Author
للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط