العزة تنتزع ولا تمنح..
حامد النصيح
الحتة دي (العبيد أهم..) صراحة حرقتني شديد واخرجتني قليلاً من قدسية هذه الأيام المباركة وورعها وتبتلها وهدؤها، وكما سمعنا وسمع العالم كله مذيعهم يقول عقب انتهاء المباراة (.. هذا هو الأهلي ارث تليد وتاريخ عريق.. خاض المعركة وأنتصر .. ولا عزاء للعبيد..).
تخيلوا معي أن تخرج مثل هذه العبارات على الهواء مباشرة ممن يصنفون بـ الطبقة المثقفة !!.. فما بالك بباقي الطبقات والتي ترسخت في عقليتهم اننا عبيد على طول عشرتنا معهم ورسم اعلامهم واقلامهم وافلامهم ما يجب ان نكون عليه من شخصية عثمان البواب الى سنية الشحادة، هؤلاء البسطاء الذين مثلوا دور البواب والشحاد ربما نجد لهم العذر ولكن اين العذر نجده لما يسمى بكبراءنا وسادتنا وهم يهرعون كما حزبهم امر الى مصر المؤمنة يبتغون عندهم العزة بكثير من الانبطاح والدونية ويعودون منها محملين بالتوجيهات التي فصلت لمصالح الجارة قبل الوطن فينفذ من تسلطوا علينا ــ ردحاً من الزمن ــ تعليمات وتوجيهات ملوك (مصر والسودان).. بكل دقة واذا لم يفعلوا سترفع مخابراتهم التقارير عنهم ليتم استدعائهم وتوبيخهم كالعادة..
كيف لنا وبهذه الروح ان الانهزامية ان نثبت لانفسنا اولاً أننا أحرار وليس بــ (عبيد) قبل ان نثبتها للاخرين .. الأمر يحتاج كثير من الجهد والعمل الدؤب لاثبات تحررنا واعتزازنا بأنفسنا .. وهذا الامر لا نستطيع الحصول عليه كمنحة من احد اذا لم يكن نابعاً من انفسنا تحفه كثير من التضحيات والإيثار، وهذا يحتاج لاعلاء قيم العمل ونبذ العنصرية وبناء الثقة التي لا تبنى الا اذا أمنا واعتقدنا بمقدراتنا ووظفنا كل طاقتنا في بناء الوطن وانسانه.
حدثوني من يستطيع ان يقول الآن أن يقلل من قيمة اثيوبيا والأثيبيون يقارعون الإنتاج بالإنتاج والبناء بالبناء..توحدوا واصبح غيرهم يحسب لهم الف حساب قبل ان يتفوه كائن من كان باي شيء ينقص او يقلل من قيمتهم ولم تأت هذه العزة والكرامة من فراغ بل جاءت نتيجة عمل دؤوب ومؤسس لبناء الانسان والوطن، والنماذج في افريقيا كثيرة فقد حجزت روندا لنفسها مقعد متقدم من التحرر وبناء الذات وبناء وطنهم وجنوب افريقيا حدث وافض في ذلك.
ونحن في هذا الاتون من الاضطهاد ممن حسبناهم اخوة لنا يجب ان لا نرفع عقيرتنا بالاساءة مقابل الإساءة حيث ليس لنا اعلام كاعلامهم وحجة كحجتهم يتخذوها دليل على ما يقولون فينا وليس لنا انتاج كانتاجهم ولا إرادة محركة كإرادتهم ولا همة كهمتهم وهم ما بلغوا شأواً بعيداً باستغفالنا والتسلق على ظهورنا (وهم في ذلك غير ملومون) ولا يمكن لاحد ان يحاسبهم وهم يسعون لمصلحة بلدهم بكل الطرق، كما انهم لم يحوزوا ما يحسبونه مجد الا بهواننا وانحاء قاماتنا امامهم، وليس ادل على ذلك من هجرتنا لديارهم زرافات ووحدانا، لم يتبق لشعبنا ما يستند عليه في بلده وما يوفر له الامن والاستقرار في بلده، فكيف يمكننا العيش في ظل تسعة طويلة وتردئ الأوضاع الأمنية والمعيشية؟ وكيف يمكن تعليم أبنائنا في ظل غياب دور تعليمنا من جامعات ومعاهد والتي أصبحت طاردة لرسومها ومصاريفها المرتفعة والتي لا طاقة لاباء بتوفيرها واذا وفرت ليس هنالك مقابل من جودة تعليم وتأهيل أكاديمي يمنك الحصول عليها، فإذا فررنا لامنا ان جاز التعبير وهي ليست بحال من الأحوال بأم الا في الخيالات المريضة وفي اوهامنا واعلامنا الركيك الذي خلق لها صورة ذهنية رسخت لهم التفوق ونلنا نحن منها الدونية وقس على ذلك بقية مرافقنا ووزارتنا المالية والتجارية التي تمنحها الميزات الإضافية والنوعية مقابل عملة ركيك التزوير ومرافقنا الزراعية تمنحها إناث الابل والبقر حتى يجئ الذي يمكنها الاستغناء من مواردنا وهذا الأن ما هو اصبح مشاهد ولا يحتاج لكثير فهم، هذا غير اننا اصبحنا في كل كبيرة وصغيرة نهرع للعلاج عندهم بعد ان أصبحت مشافينا غير مؤهلة تقدم الموت بأغلى اثمان العلاج، الفرار من البلد اصبح طوق النجاح، كيف لا نكون كما وصفونا ووطنا اصبح طارداً ومواطنه اضحى هائماً يتكفف الأخرين في الخارج، يتخطفنا الناس ويتجهمنا الصديق ويحاصرنا حكامنا في الداخل ويعملون جاهدين لترسيخ مثل تلك المقولات وصارت افعالنا تدلل على اننا ليس بأحرار حتى إشعار آخر.
لا امل لنا في التحرر من كثير من العوامل التي أدت الى ان يحتقرنا الغريب ويلفظنا القريب، إلا أن نجلس مع بعضنا البعض لنبني هويتنا التي تشبهنا وتشبه تاريخنا وامجادنا ونتعهد بحب الوطن واعلاء شأنه مهما بلغت تكلفة التضحيات .. وننبذ كل ما يؤدي الى فتح باب العنصرية والتمييز العرقي والجهوي وان نعمل في صمت لبناء واعمار الوطن والعمل لرفع شأنه والذي حتماً سيكون رفع لشأننا انفسنا، حينئذ سوف ترى الكل يهرع إليك بدل ان نهرع إليهم عندها سيحترمون خصوصيتنا ولا يستطيع كائن من كان يعيرك أو ينتقص من قدرك ، بل ستصبح بحكم قوتك تنتزع عزك وكرامتك وتحررك انتزاعاً، الحرية لا تمنح بل تنتزع إنتزاعاً .. ولن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون.. ونحن نحب دمائنا وارواحنا لذلك لا ننال التحرر والرقي والاحترام الا اذا جعلناها رخيصة في سبيل الحفاظ على الوطن وبنائه ورفعته وعزته، وأن يكون البذل والعطاء حاضراً دائماً إذا ما نادي المنادي ، فاليقدم كل واحد منا اخوه على نفسه، وليكن حكامنا حكاماً ملهمين وليس منبطحين حينذاك ستندثر العبارة المقيتة النتنة (العبيد أهم …)..
في هذا المقام لا استطيع تجاوز الثوار وجموع الشعب الابي الصامد قبل أن القي التحية، تحية إكبار وتقدير وإجلال وهم يؤسسون لوطن العز والاباء..
About Author
للإنضمام الي إحدي مجموعاتنا علي الواتس اب اضغط علي الروابط