التصنيف: فنجان الصباح

  • لا صوت يعلو فوق صوت المعركة!!

    لا صوت يعلو فوق صوت المعركة!!

    فنجان الصباح..
    احمد عبدالوهاب

    “دع عنك لومي فان اللوم اغراء”.. “شاعر”
    في خضم ساعات المحن والشدائد واوقات الحروب ، يتم تأجيل كل الخلافات، وتعطيل كل خصومة وملامة لحين انجلاءالمعركة.. ذاك ان أي حديث عن محاسبة لقائد اوشك علي حسم المعركة وأي نقد لضابط كاد ان يحسم المواجهة أو جندي يخوض النار ويلقي بنفسه في غمار المعارك (مؤامرة كاملة) .. وأي قول أو فعل لا يصب في صالح المعركة والمجهود الحربي( خيانة عظمى) .. ليس من العقل ان تطلب من سباح في بحر الدميرة ان يعرب بيتا من قصيدة شاعر النيل.. ليس من المنطق ان تطالب من يكافح السيل المنهمر بأن يسدد متأخرات المجلس البلدي..
    في قمة انشغاله بالدفاع عن بيته الذي ابتلعت السيول ثلاثة ارباعه.. وصار حوشه جزءا لايتجزأ من مجرى السيل فوجئ أحد اقربائي بجاره يطلب منه اعادة شاحن الجوال الذي اعاره اليه.. بينما الاساس والاثاث كله في ذمة سيل الوادي المنهمر..
    لكل مقام مقال.. ومقال الساعة بعنوان ( لا صوت بعلو فوق صوت المعركة)

  • بأية حال عدت ياعيد؟ …

    بأية حال عدت ياعيد؟ …

     

    فنجان الصباح

     

    احمد عبدالوهاب

    …….

     

    يحل علينا عيد الفطر المبارك.. عيد السرور وموسم الأفراح، وبلادنا مثخنة بالآلام والأحزان والجراح.. تتطلع إلى الله العلي القدير أن ينصر هذا الجيش الصابر الباسل وهو يخوض واحدة من أشرس معارك الكرامة..

    تذكرنا معركة القوات المسلحة مع فلول التمرد، بغزوات الاسلام الأولى وببدر الكبري والرسول القائد العظيم صلى الله عليه وسلم يعد الخطة ويرص الصفوف ويبتهل إلى ربه الكريم راجيا عونه ونصره حتى يسقط عنه رداؤه..( اللهم ان تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض).. والصديق يقول له أرفق بنفسك فإن الله منجز لك ماوعدك..

    ويشرق وجه الحبيب كأنه البدر ليلة تمامه وهو يكبر ويقول عن صناديد قريش ( كأني أرى مصارع القوم )..

    فاللهم في هذا اليوم المبارك العظيم ، أجعل عيد أهل السودان عيدين..

    عيد َيودعون فيه شهر الصيام الفضيل

    وعيد يستقبلون فيه نفحات النصر وثمرات الجهاد..

    فاللهم نصرك الذي وعدتنا فإن يهزم هذا الجيش.. يخلو الجو لجماعة الميم والفكر السقيم وديانة ابراهام وعبدة الشيطان..

  • انكسر المرق وتشتت الرصاص!!

    انكسر المرق وتشتت الرصاص!!

    فنجان الصباح..
    احمد عبدالوهاب

    تشبث حبر هذه الأمة (عبد الله بن عباس بالإمام الحسين) وقد أزمع الرحيل للعراق بعدما وعده بعض أهله بنصرته، والقتال تحت رايته، والاستشهاد بين يديه إن هو قدم للعراق.. تشبث ابن عباس بيد السبط السعيد وذرف الدموع الغوالي مدرارا.. وقال وقد فشل في إقناع الإمام الشهيد ( أستودعك الله من قتيل)..
    كثيرون في اليومين الماضيين تشبثوا بآخر خيوط الأمل في إيجاد طريق ثالث يجنب البلاد الحريق الكبير.. وكان أي حل من أي نوع أفضل من الحرب.. وكان أضمن نصر للبرهان، وأفضل نصر لحميدتي ماقاله الفيلسوف الصيني ( صن تسو) قبل ألفي عام بأن ( أفضل نصر في الحرب هو أن لا تندلع الحرب مطلقا)..
    ماذا ترى الرجلان.. حميدتي وبرهان قائلان
    وقد انكسر المرق واتشتت الرصاص..
    وفي ايام معركة صفين خرج امير المؤمنين الامام علي ووقف بين الصفوف ونادى ( يا معاوية.. علام يقتتل الناس بيننا.. تعال أحاكمك إلى الله.. فأينا قتل صاحبه استقامت له الأمور) وقيل إن معاوية بن أبي سفيان التفت إلى عمرو بن العاص كانما يستشيره.. وقال له عمرو
    ( لقد أنصفك )..

  • الدولار الأخضر ..  الباقي الله ياهجام فريق أم زين..!!!!؟!!

    الدولار الأخضر .. الباقي الله ياهجام فريق أم زين..!!!!؟!!

    فنجان الصباح
    أحمد عبدالوهاب

    أمريكا اليوم في وضع لا تحسد عليه.. امريكا اليوم مثل بائعة هوى شمطاء انفض عنها المال والجمال وطالبي المتعة الحرام.. ومثل سيدة عجوز فارقت بيت الزوجية إلى دار العجزة..
    ستفارق وشيكا السبع الكبار إلى نادي العالم النامي، والدول الاكثر فقرا..
    امريكا نمر من ورق واله مزور صنعه العقل الغائب والمال السائب.. والزيت الرخيص..
    في موسكو بعد البروسترويكا.. مراسل صحفي يجري حوارا مع رسول حمزتوف الكاتب الروائي الروسي الكبير، وحينما صب الصحفي له قدحا من القهوة واشعل له لفافة تبغ قال ضاحكا ( أشكرك نيابة عن العالم الثالث)..
    ولو كنت في واشنطون أجرى حوارا مع فرانسيس فوكاياما صاحب اكذوبة (نهاية التاريخ) لقلت له وهو ينفث دخان الماريجوانا (مرحبا بك وبامريكا) إلى عضوية العالم الثالث..
    ترتعد أمريكا من رأسها لأخمص قدميها عندما ترشح الصين ( اليوان) عملة احتياط عالمية بديلا للدولار.. ولكن امريكا تتاورها آلام الحيض عندما تصطلح الرياض مع طهران وعندما تنفتح السعودية على السوق الصينية.. وتتفاجأ واشنطون بوجع الدورة الشهرية، وآلام النفاس.. عندما يقرر مارد نفطي كالرياض يضخ في السوق يوميا أكثر من عشرة ملايين برميل بيع نفطه باليوان.. وفك ارتباطه بالدولار..
    ان ماكنا نعتقد واهمين انه مارد اقتصادي عالمي.. نراه اليوم على حقيقته مجرد اله مزور.. ونمر من ورق.. وما كنا نظنه إله المال والقوة يتحول إلى تمثال مصنوع من الشيكولاتة والفستق.. يحاول عبثا ان يغطي عورة ضعفه وهوانه بالمال والعجز العربي..
    ولو قررت الرياض أن تبيع نفطها باليوان وتفك ارتباطها بالدولار، لصارت تريليونات الاحتياطي الفيدرالي أرخص من ورق التواليت.. واهون من حفاضات الاطفال..
    بإشارة من اصبعها تستطيع الرياض أن تحول أمريكا لدولة متسولة.. وتحول جواد الكاوبوي إلى حمار وحاملة الطائرات (جورج بوش) إلى كازينو عائم ومشاة البحرية إلى قراصنة و.. وول استريت إلى حائط مبكى..
    لم تعد حيل امريكا تنطلي على العرب.. وماعادت اللعبة الامريكية تخيف أحدا بالخليج أو غيره.. وماعادت فزاعة إيران ( مزرعة) دجاج فارسي يبيض ذهبا خليجيا لواشنطن .. وماعادت مبيعات البترودولار غنيمة أمريكية باردة..
    وفي يقيني ان السعودية كدولة مركزية، وقاطرة إسلامية ومارد نفطي، لها كلمة مسموعة ودور محوري،
    أحكم من أن تصنع تسونامي في الاقتصاد العالمي.. وأعقل من أن تعكر صفو الخليج .. أو ان تزلزل الأمن والسلم الدوليين..
    فالسكران – ع رأي المثل- في ذمة الواعي..
    طويل زمانه أم قصير.. وشيك حدوثه أو بعد حين.. سيكون الدولار زميلا لعملة زمبابوي ..وصنوا لليرة اللبنانية.. و(الجنيه) السوداني.. وسيكون حائط ترامب مع المكسيك لحماية الجيران من رعاة البقر.. وخليج الخنازير فاصلا لكوبا من الهجرة غير الشرعية لأبناء العم سام من طالبي العمل في مزارع التبغ في هافانا..
    مرحبا بأمريكا في العالم الثالث..
    يرونه بعيدا.. ونراه قريبا..
    قريبا.. وقريبا جدا..

  • موقف شندي.. عندما يأخذ القانون إجازة مفتوحة!!!

    موقف شندي.. عندما يأخذ القانون إجازة مفتوحة!!!

    فنجان الصباح..
    أحمد عبدالوهاب

    يأبى (موقف شندي) أن يتطور، ويرفض في عناد تاريخي التحول إلى محطة ركاب محترمة.. مصرا على أن يظل منطقة خارجة عن النظام و القانون..
    تترتب المواقف وتتحول إلى موانئ برية، وتتطور مواقف المواصلات وتنتظم في خطوط ويكون لها جدول مغادرة ووصول إلا (موقف شندي) في محيط السوق المركزي بشمبات..
    يختصر موقف شندي عناوين ووجهات سفر كثيرة، وتحتشد تحته بصات شندي والدامر وعطبرة وبربر وأبوحمد وهلمجرا.. واسم شندي مسكين.. وكما يقول المثل المجانين كثيرون ولكن الشقي منهم من يقع في القيد..
    عهدي بالموقف منذ أن كان يحتل موقعا ضيقا كئيبا إلى الشرق من محطة السكة حديد القديمة ببحري..
    تغير موقعه منذ سنوات .. ولكنه ظل على حاله المذرية، وطريقته المتخلفة في اصطياد المسافر.. وجرجرته قبل معرفة وجهته.. والاقتتال عليه بواسطة شبان غلاظ شداد.. فمنهم من يخطف حقيبة سفرك ليضمنك في قائمة ركابه، ومن يجرك مرغما إلى جهة، ومن يسحبك مكرها إلى ناحية أخرى..
    ويبدو إنهم مجموعات سماسرة كل مجموعة تعمل لصالح شركة حافلات سفرية بعينها.. وهي بالأصل شركات بينها حرب شرسة، وتنافس غير شريف لا علاقة له البتة بالعمل التجاري.. ولا يتقيد بضوابط أي نشاط استثماري.. تنافس لا يريد ان يخضع لنظام المداورة.. ويريد ان يسود قانون (الحشاش يملأ شبكتو) .. والشاطر هو الذي لا يخصع لأي قانون..
    وللاسف فان صراع الاقوياء تكون اول ضحاياه حافلات وبصات لأناس غير مقتدرين.. لايجدون اي حماية من قانون صارم ولا من ضمير حي .. ولا هم ازاء اليات سوق محترم..له نظام وارث وقانون وتقاليد مرعية .. انني ارثي لحال حافلات تعود لمساكين حالها في هذا المعترك حال العشب الذي تسحقه بدون رحمة أقدام الأفيال عندما يحتدم بينها الوغى ويحمى الوطيس..
    ما افهمه كمراقب ان تعمل كل البصات بنظام المداورة شاء من شاء وابى من أبى..
    وما اطلبه كمواطن ان ينتظم المسافرون في صفوف لشراء بطاقات الصعود للبص الذي عليه الدور..
    وعلى كل البصات ان تتأكد من جاهزيك بصاتها بان تكون مصانة وفي حالة جيدة ولا يسمح لأي بص غير مستوف لشروط الكفاءة والتكييف أن يدخل الموقف..
    إنها محاولة عجلى لرسم صورة كاريكاتورية لموقف شندي كمنطقة تصر في عناد تاريخي أن تبقى إلى إشعار آخر خارج العصر.. وخارج القانون..

  • بروف جريس.. النطاس الإنسان، قاهر السرطان

    بروف جريس.. النطاس الإنسان، قاهر السرطان

    فنجان الصباح..
    احمد عبدالوهاب

    “أحيانا حتى البقاء على قيد الحياة (بطولة) في حد ذاته!!!.. ”
    ” صلاح احمد إبراهيم ”
    قبل أكثر من عشرين عاما، كنت أرى البروفيسور عبد السلام جريس كل مساء وهو يترجل من سيارته بصعوبة بالغة.. كان قد تملكه المرض ، وأنهك قواه.. إلا روحه وعقله وعزيمته، كانت عزيمته قد أنهكت المرض وهدت الداء الوبيل ..
    كانت عيادته في مجمع بالخرطوم شرق، بشارع الزبير باشا، وغرب شارع القصر.. كان مجمعا طبيا اجتمع فيه عدد من أساطين الطب الكبار الدكتور عثمان عبد الكريم.. اختصاصي الجراحة.. والدكتور عبد العظيم عثمان اختصاصي الأنف والحنجرة.. والأستاذ الدكتور عبد السلام جريس اختصاصي النساء والتوليد.. وكلهم كانوا أصحاء ومع ذلك رحلوا كلهم قبله.. وهو المريض المصاب بداء عضال.. فسبحان من بيده الأعمار والآجال..
    كتب البروف جريس ذات صباح قبل عشر سنوات يرثي الدكتور الطيب حسن كاشف اختصاصي الباطنية بمقالة بعنوان ( وداعا أيها الزميل).. إنهم كانوا ثلة من الأطباء عد منهم جماعة كانوا تخرجوا من كلية الطب بجامعة الخرطوم.. وشهد حفل تخريجهم رئيس مجلس السبادة الزعيم إسماعيل الأزهري في العام ١٩٦٧م..
    لقد ضرب البروفيسور جريس المثل في البطولة والوقوف بعناد وشرف أمام مرض السرطان لسنوات وعقود طوال.. لم ينهزم ولم يستسلم وظل يؤدي واجبه المهني والإنساني بكل همة واقتدار.. وكانت إحدى اشراقات العهد المنصرم أن رئيسه كرم البروفيسور جريس بوسام الاستحقاق.. نظير هذه البطولة والخدمة الطويلة لرجل ظل ينسى كل آلامه وأوجاعه لمداواة أوجاع و آلام الآخرين..
    إنه ذلك الطبيب الشاطر المقدام الذي يصح أن يقال عليه إنه “النطاس الإنسان”.. “وقاهر السرطان” ..
    وأخيراً ..
    وصلت رحلة الرجل الجبلية الصعبة إلى نهايتها.. فأسلم الروح إلى بارئها قبل يوم تقريبا..
    رحم الله تعالى البروفيسور جريس الطبيب الإنسان والذي يستحق على أدائه المهني الممتاز ، وصبره على الداء العضال.. كل الشارات والأوسمة ونجوم الإنجاز .. ويستحق بجدارة مقولة صاحب “غابة الهبباي” ( أحيانا حتى البقاء على قيد الحياة بطولة في حد ذاته)..

  • وادي الهواد العظيم

    وادي الهواد العظيم

    فنجان الصباح..
    احمد عبدالوهاب

    لما اشتهى (المك نمر) ناقة بشارية أصيلة وصفوها له بساحل البحر الاحمر جعل لمن أتاه بها المساحة التي تمناها في بطن وادي الهواد الخصيب..
    انه واد اشتهاه ملوك وامراء في القديم والحديث..
    هذه الدلتا المباركة ساهمت بدور كبير في قيام ونهضة المملكة المروية.. كانت هي منطقة الانتاج التي تضمن الامن الغذائي لممالك العهد المروي.. مثلما كانت هي (مطمورة) تلك العهود الزواهر.. وصومعة السودان النيلي من النهر إلى البحر..
    ان وادي الهواد في الزمان الغابر كان يعني للسودان مايعنيه الهلال الخصيب لبلاده.. ومايعنيه ريف مصر وسواد العراق لاهله..
    ولعلها سانحة لنورد ( بتصرف) جزءا يسيرا من مقالة حسناء كتبها العلامة البروفسور جعفر ميرغني ونقلتها مجلة (مذاق خاص) الغراء للدلالة على الرخاء الذي كانت تعيشه مملكة مروي منذ القرن السادس قبل الميلاد..
    “روي المؤرخ اليوناني (هيردوت) أبو التاريخ منذ القرن الخامس (ق م) ان ملك الفرس على مصر بعث جواسيسه إلى مروي ليأتوه بأخبار السودان خاصة حقيقة ما يسمى ب ( مائدة الشمس) في تلك المدينة.. فجاءته تقاريرهم تقول إنها ( ساحة بظاهر البلدة يملؤها ( الفقهاء) بأطباق من صنوف الطعام واللحم المسلوق.. فيأكل منها (الغاشي والماشي) دون حساب “….!!!
    وقد اختلف العلماء في معنى كلمة (الهواد) فقد ردها بعضهم إلى اصل عربي بمعنى (الهوادة) أي الزيادة في الحصاد كما وكيفا..
    ويورد الدكتور معتصم حسن فرح الخبير المتخصص في وادي الهواد إذ أنه نال درجتي الماجستير والدكتوراة عن دراسة واطروحة عن ( التنمية المستدامة لمنطقة وادي الهواد) وله تفسيره المختلف لمعنى الهواد.. فمن خلال تنقيبه وبحثه عن أصل الكلمة وجد أن كلمتي ( الهواد) و(العوتيب) ( واظنه يعني العوليب) هما اسمين لوزيرين من وزراء مملكة( كوش) ..
    وهذا غير بعيد عما قال به الأستاذ الطيب محمد الطيب من أن (جبل قيلى) بالبطانة يحمل إسم أحد ملوك ( العنج)..
    وكان العلامة البروفيسور عبد الله الطيب قد نسب إلى أحد العارفين قوله إن (وادي الهواد هو الوادي الذي هرب واختفى فيه فصيل ناقة سيدنا صالح عليه السلام) .. ويعزز العلامة كلامه بما يروى عن السيد الحسن الميرغني الكبير إنه قال ( شندي جزء من أرض الله)..
    يمتد هذا الوادي العملاق من تخوم القضارف شرقا وحتى كبوشية على النيل غربا بمساحة تزيد عن (٢ مليون و٤٠٠ الف فدان.) . يضم أكثر من (٣٥٠) عمودية ومشيخة ونظارة تمثل ملاك الأرض التاريخيين من شتى القبائل والبطون والعشائر..
    كان أهله ينتظرون بفارغ الصبر مقدم الخريف.. ويعرفون هطول الأمطار عليه بعدة علامات.. منها الجهة يلمع منها البرق.. وفيضان وادي العوليب..
    ومجئ سحاب (العفرت)..
    وكانت العجائز ينشدن له فيما يشبه الابتهال..
    ألله إن أراد نرد (الهواد)
    ألله إن قبل نرد (ام شقل)
    كان ذلك في زمان قد تقادم..
    أما حديثا فقد جاء ذكره في قصيدة للمرحوم الدكتور حسن عباس صبحي كتبها في لندن أيام العدوان الثلاثي على مصر :
    “إنا هنا نشتاق للرعاة للأغنام..
    ولانطلاقة الأرنب البري
    في الهواد عاشق التلال..”
    ومثلما بدأنا قصة الهواد بملوك الفرس، ننهي المقالة بحكاية لأحدهم .. ونوردها لفائدة ولاة أمرنا الأشاوس لو كانوا يقرأون أو كانوا يفهمون مايقرأون..
    ومن ذلك أن كسرى ملك فارس لقي عجوزا فسأله عدة أسئلة احتارت فيها حاشيته وفهمها العجوز (طايرة) وأجاب عنها بشكل مذهل، ومنها
    أين الجماعة؟
    فقال: تفرقوا.
    وأين الاثنين؟
    قال :صاروا ثلاثة
    واخيرا قال له (لاتبع رخيصا) ..
    فقال العجوز؛
    لا توصي حريصا..!!!

  • هل تنجو موسكو من المستنقع الأوكراني؟ !!!

    هل تنجو موسكو من المستنقع الأوكراني؟ !!!

     

    فنجان الصباح

    احمد عبدالوهاب

     

    ( حذاري من افغانستان.. حذاري من العشب اليابس عندما تحمل اليه الرياح الموسمية لهبا ونار)

    (كاتب بريطاني مطلع القرن ال ٢٠)

    اذا كانت فيتنام هي عقدة امريكية لا شفاء منها.. فإن أفغانستان هي عقدة الروس التي لا تنسى .. وقبلهم الإنجليز ثم الامريكان.

    طلبت أمريكا علاج عقدتها في فيتنام بالنابالم وبالابادة، وسياسة الارض المحروقة.. وبالاعلام وبالافلام وبالسينما.. وقالت (بكل تداوينا فلم يشف ما بنا) .. ثم جاءت بعد نصف قرن من الحرب الباردة، ونصف عام من حرب الكويت تطلب الشفاء في (قندهار) ولكن الطالبان ضاعفوا حزنها القديم وجددوا رعبها المقيم، وعمقوا جرحها المنوسر.. ففي جبال افغانستان قائمة طعام من السم علي قدر عشاء الغزاة..

    خرطت واشنطون يدها ولوت يد المجتمع الدولي وجاءت مغرورة مازورة الى وادي الرافدين فوجدت (النفط والموت) .. ووجدت دروسا في الجنون، لن تنساها إلى يوم البعث والنشور.

    وكانت أمريكا في منعطف السبعين قد ورطت خصمها اللدود ( الاتحاد السوفيتي) في المستنقع الافغاني.. كان مستشار ريجان للامن القومي ازبغنيو بريحنسكي العجوز المكار قد نصب الفخ لموسكو هناك.. وعكف على خطة سماها( افغانستان البطن الرخو) للاتحاد السوفيتي.. وجلس كثعبان الكوبرا ينتظر الفريسة.. ولم يخب ظنه ولم ينتظر طويلا اذ سرعان ما أدخل (ليونيد برجنيف) فيالق الجيش الاحمر إلى (كابول) بعتاد كاف لاشعال حرب كونية.. دعما لحليفه بابرك كارمل. لكنهم وجدوا انفسهم في مواجهة المجاهدين الافغان ، قال عنهم الشهيد عبد الله عزام ( رجال لا يملكون قوت يومهم ولكنهم لا يركعون الا لله) ثم التحق الجهاد الاسلامي (المسافر بالطائرات النفاثة) .. كما كان يسميه روبرت فيسك.. والحقوا بالدب الروسي هزيمة لا يماثلها سوي هزيمة الكاوبوي الامريكي علي يد الفيتكونغ..

    دخل السوفيت لجبال الهندكوش وهم إمبراطورية لها (ضل).. وخرجوا وهم أشلاء إمبراطورية ، سادت ثم بادت.. صدق حدس الثعلب بريجنسكي.. لقد صارت افغانستان بالفعل هي ( البطن الرخو) للاتحاد السوفيتي .. واخذت امريكا بثارها القديم.. وفككت اتحاد الجمهوريات السوفيتية وحلف فارصوفيا..

    ولانه كما يدين الفتى يدان.. ويا حافر حفرة السوء (وسع مراقدها فيها) .. فقد وقع الأمريكان في حفرتين في وقت واحد.. حفرة من السعير في وادي هيرات.. وحفرة من الجحيم بوادي الفرات ..

    لقد ظن (بوش الابن) اثما وواهما انه بسقوط بغداد قد وضع العراق تاريخا وحضارة ونفطا وبطولات في جيبه بدلته الاسموكنغ ..

    تبخر الجيش العراقي بصورة مريبة عند أسوار بغداد كانه فص ملح وذاب.

    انخدع الامريكان بالمقلب العراقي.. مثلما انخدع قبلهم الألمان عند دخولهم باريس بدون مقاومة..

    ثم في باريس ، وبعدها بغداد أقام الموت المكشر ولائم دسمة للنازي هتلر وللصليبي بوش..

    الآن على موسكو أن لاتلدغ من الجحر الاوكراني، كما لدغت من الكوبرا الأفغانية

    على روسيا الإتحادية، المتخففة من أعباء الإمبراطورية .. وعلى بوتين الخارج من ربقة الشيوعية.. ان يفتح عينه للفخ الامبريالي..

    ان بوتين سيمضي على خطى بوش، و يرتكب خطأ العمر اذا أطاح بالدولة هناك، وسرح الجيش الاوكراني.. بدل أن يطيح فقط بالحكومة.. ويتعاطي المحظور عمدا اذا استنسخ (بريمرا) روسيا في كييف..

    ان اكثر من(٣٠) عاما في ظل الديمقراطية والانفتاح والحرية أنتجت جيلا اوكرانيا مستعدا للقتال تحت علم الدولة لآخر طلقة. وان طول بقاء الجنود الروس في اوكرانيا سيستفز الروح النضالية والنخوة الوطنية.. وسيجد الروس في كييف ما وجده مشاة البحرية الأمريكية في شوارع مقديشو، وفي بحر بيروت..ثم في كابول وبغداد..

    حذاري يا بوتين من (مستنقع روسي جديد) في اوكرانيا..!!!

    (مقال كتب قبل عام)